للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن هذا القرآن هو أمر "خارق للعادة" كسائر خوارق الأنبياء، إلا أنه أجلاها وأقواها. ولا يقتصر إعجازه على بلاغته وبيانه ـ وكما يقول الشيخ رشيد ـ: "وإعجازه ليس مقصوراً على أسلوبه البديع وارتقائه أسمى درج البلاغة وعلى إخباره بالمغيبات المستقبلة وسرده قصص الماضين من غير الاطلاع عليها، بل فيما اشتمل عليه من العلوم والمعارف في تهذيب البشر وبيان مصالحهم في أمور معاشهم ومعادهم أعظم خارق لحجب العوائد ... " ١.

لقد تحدث الشيخ رشيد على أوجه الإعجاز اللفظي والمعنوي بالإجمال والإيجاز وقسمها إلى أنواع، عند حديثه عن آية التحدي في سورة البقرة ٢. كما تحدث عن التحدي ببلاغته ونظمه في سورة يونس ٣. ووجه الكلام في " الوحي المحمدي" إلى هداية القرآن بأسلوبه وتأثيره وعلومه المصلحة للبشر بما يحتمله المقام من البسط والتفصيل، وهو القدر الذي يعلم منه أن هذه العلوم أهدى من كل ما حفظه التاريخ عن جميع الأنبياء والحكماء وواضعي الشرائع والقوانين وأن إعجازه من هذه الناحية أقوى البراهين على كونه وحياً من الله تعالى تقوم به الحجة على جميع البشر ... " ٤.

ونرى الشيخ رشيد كثيراً ما يلجأ إلى المقارنة، فقد قارن بين آيات نبينا وآيات الأنبياء قبله من حيث ذاتها وحقيقتها ومن حيث قوة دلالتها، ومن حيث أثرها الذي طبعته في نفوس أممها، فقد قارن بين أثر القرآن في العرب وأثر التوراة في بني إسرائيل وبين أثر القرآن في نفس المسلمين والمشركين ٥. وخلص من ذلك كله إلى أن: "ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو


١ مجلة المنار (٢/ ٤١٨)
٢ انظر: تفسير المنار (١/ ١٩١ ـ ٢٢٨)
٣ انظر: المصدر نفسه (١١/ ١٩٥ ـ ١٩٧)
٤ الوحي المحمدي (ص: ١٣٨ـ ١٦٦)
٥ الوحي المحمدي (ص:٦٥، ٧١، ١٤٨)

<<  <   >  >>