للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا بنبأ غيبي، بل يرى أن عيسى عليه السلام وهو أعظمهم قدراً، وأعلاهم ذكراً، وأحلاهم أثراً، لم يأت بشريعة جديدة، بل كان تابعاً لشريعة التوراة مع نسخ قليل من أحكامها ... فأمكن لجاحدي الوحي أن يقولوا: إنه لا يكثر على رجل مثله زكي الفطرة، زكي العقل ناشئ في حجر الشريعة اليهودية، والمدنية الرومانية، والحكمة اليونانية، غلب عليه الزهد والروحانية، أن يأتي بتلك الوصايا الأدبية، ونحن المسلمين لا نقول بهذا ولا ذاك، وإنما يقوله الماديون والملحدون والعقليون، وألوف منهم ينسبون إلى المذاهب النصرانية ... " ١.

والذي نقوله نحن المسلمين بعد هذا العرض والمقارنة: إن البينات لمحمد أعظم من البينات للمسيح، وبعد أمر محمد عن الشبهة أعظم من بعد المسيح عن الشبهة، فإذا جاز القدح فيما دليله أعظم وشبهته أبعد عن الحق فالقدح فيما دونه أولى، وإن كان القدح في المسيح باطلاً، فالقدح في محمد أولى بالبطلان، وإذا ثبتت الحجة التي غيرها أقوى منها فالقوية أولى بالإثبات ٢.

ثم يقارن الشيخ رشيد بين ما جاء به نبينا من العقائد والأحكام وبين ما جاء به غيره ـ فيقول: "وأما الوجه الثاني: وهو عقائد الدين وعباداته وأحكامه، فلا يرتاب العقل المستقل الفكر غير المقلد لدين من الأديان، أن عقائد الإسلام من توحيد الله وتنزيهه عن كل نقص، ووصفه بصفات الكمال والاستدلال عليها بالدلائل العقلية والعلمية الكونية، ومن بيان هداية رسله به ومن عباداته وآدابه المزكية للنفس المرقية للعقل، ومن تشريعه العادل، وحكمه الشوري المرقي للاجتماع البشري ـ كل ذلك أرقى مما في التوراة والأناجيل وسائر كتب العهد القديم والجديد ... " ٣. وبالمقارنة فيما يتعلق بالله تعالى وصفاته وفيما يتعلق بالأنبياء والرسل، يقول الشيخ رشيد


١ الوحي المحمدي (ص: ٦٦ ـ ٦٨) ، وأيضاً: مجلة المنار (٤/ ٣٧٩ ـ ٣٨٦)
٢ انظر: ابن تيمية: منهاج السنة (٢/ ٥٥ـ ٥٦)
٣ الوحي المحمدي (ص: ٦٨)

<<  <   >  >>