للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المدني في هذا العصر يعتقدون أن أبدان البشر تتجدد في سنين قليلة ولا يوجد أحد منهم ولا من غيرهم من العقلاء يقول إن العقاب يسقط على الجاني بانحلال أجزاء بدنه التي زاول بها الجناية وتبدل غيرها بها، فما لم يكن عندنا نص صريح من القرآن أو الحديث المتواتر على بعث الأجساد بأعيانها فما نحن بملزمين قبول الإيراد وتكلف دفعه، فإن حقيقة الإنسان لا تتغير بهذا التبدل فقد تبدلت أجسادنا مراراً ولم تتبدل بها حقيقتنا ولا مداركنا، ولا تأثير الأعمال التي زاولناها قبل التبدل في أنفسنا، بل لم يكن هذا التبدل إلا كتبدل الثياب ... " ١.

هذا ما أجاب به الشيخ رشيد على هذه الشبهة، ولدينا جواب آخر وهو الصحيح، وخلاصته: أن قدرة الله تعالى لا يعجزها جمع ما تفرق في الأرض والسماء من أجساد الناس، كما قال تعالى: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} ٢ أي: ما تأكل من لحومهم وأبشارهم وعظامهم وأشعارهم ٣، فالقدرة والعلم هما الحجة في هذه المسألة.


١ تفسير المنار (٨/ ٤٤٧٣) وانظر أيضاً: مجلة المنار (٧/ ٤١٣)
٢ سورة ق، الآية (٤)
٣ انظر: ابن كثير: التفسير (٤/ ٢٢٣) وانظر: د. محمد علي ناصر فقيهي: منهج القرآن في الدعوة إلى الإيمان (ص: ٢٩٧) وما بعدها.

<<  <   >  >>