للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحق أنه لم يثبت الشيخ رشيد من علامات الساعة إلا بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وأما ما سوى ذلك من العلامات الصغرى والكبرى فلم يكن لها نصيب من القبول عند الشيخ رشيد.

لقد ادعى أن روايات الفتن وأشراط الساعة مشكلة ومتعارضة. فأما الإشكال الذي أبداه على العلامات الصغرى، فهو أن ما ورد منها من الأمور المعتادة التي تقع بالتدريج لا يُذّكر بقيام الساعة ولا تحصل به الفائدة التي من أجلها أخبر الشارع بقرب قيام الساعة ـ يعني لأنها أصبحت من الأمور المعتادة المألوفة ـ ١. وأما الأشراط الكبرى الخارقة للعادة فوجه الإشكال فيها عند الشيخ رشيد أن العالم بها يكون في مأمن من قيام الساعة قبل وقوعها كلها فهو مانع أيضاً من حصول تلك الفائدة، فالمسلمون المنتظرون لها يعلمون أن لها أشراطاً تقع بالتدريج، فهم آمنون من مجيئها بغتة في كل زمن، وإنما ينتظرون قبلها ظهور الدجال والمهدي والمسيح عليه السلام ويأجوج ومأجوج، وهذا الاعتقاد لا يفيد الناس موعظة ولا خشية ولا استعدادً لذلك اليوم ولا لتلك الساعة، فما فائدة العلم به إذن؟ هذا ما قاله الشيخ رشيد رضا ٢.

وأريد هنا أن أرد على هاتين الشبهتين عند الشيخ رشيد، وذلك قبل أن أتناول تفصيل ما أورده في أشراط الساعة الكبرى ـ وقد خص منها بالذكرـ الدجال والمهدي، وطلوع الشمس من مغربها، وسوف أتحدث عن كل ذلك تفصيلاً إن شاء الله.

فأقول أولاً: إن الشيخ رشيد تناقض هنا، فإنه: قد أثبت أشراطاً للساعة، وخص بالذكر منها بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فما أورده من الإشكال في الأشراط الأخرى وارد على ما أثبته، ومهما كان جوابه فهو جوابنا.

ثانياً: إنّ ما استشكله الشيخ رشيد غير مشكل، لأن ما أورده في الأشراط الصغرى من كونها أموراً صارت معتادة لا تذكر بالآخرة، ـ وهو


١ تفسير المنار (٩/ ٤٨٨)
٢ المصدر نفسه (٩/ ٤٨٩)

<<  <   >  >>