للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليها، قال تعالى: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} ١، فلا يصلح أن تعارض هذه الحكمة المستنبطة بالاجتهاد نصوص الكتاب والسنة.

وأما الإشكال الثاني عند الشيخ رشيد فهو ـ كما يقول ـ: "ما ذكر فيها من الخوارق التي تضاهي أكبر الآيات التي أيد الله بها أولي العزم من المرسلين، أو تفوقها، وتعد شبهة عليها ... " ٢.

وللجواب على هذه الشبهة أقول:

أولاً: قد سبق الكلام على معجزة الأنبياء، وبينت هناك أن المعجزة ليست وحدها السبيل لتصديق الرسل، بل يكون معها من القرائن ما يبين صدقهم، وبهذا فرقنا بين ما يكون مع الأنبياء من الخوارق وما يكون مع الأشقياء منها ٣. ولا ريب أن الدجال من صنف هؤلاء الأشقياء، فلا يلتبس أمره على المؤمنين، لا سيما وقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، علامته، وأنه مكتوب بين عينيه "كافر" يقرؤها كل مؤمن كاتب وغير كاتب ٤، وأنه يدعي الألوهية، مع أنه أعور والله تعالى متصف بصفات الكمال والجمال والجلال، فليس بأعور ٥.

وثانياً: أن الدجال لم يدع النبوة فيلتبس أمره وإنما ادعى الألوهية، وهو منافٍ لبشريته وصفاته التي وصفه بها النبي صلى الله عليه وسلم فلا يلتبس أمره والحمد لله ٦.

وأما الإشكال الثالث عند الشيخ رشيد في أحاديث الدجال، فهو أن ما


١ سورة الأنعام، الآية (١٤٩)
٢ تفسير المنار (٩/ ٤٩٠)
٣ انظر (ص:٦٩٢) من هذا البحث.
٤ انظر: أحمد: المسند (٦/ ٤٥٦ و ٤٥٥و ٤٥٩) ومسلم: الصحيح: ك: الفتن، ح: ١٠٣ (٢٩٣٣) [٤/٢٢٤٨]
٥ انظر: مسلم: الصحيح: ك: الفتن، باب ذكر الدجال، ح: ١٠٠ (١٦٩) (٤/ ٢٢٤٧)
٦ انظر: مسلم: الصحيح: ك: الفتن، ح: ١١٣ (٢٩٣٨) (٤/٢٢٥٦ـ ٢٢٥٧)

<<  <   >  >>