للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عزي إليه من الخوارق مخالف لسنن الله تعالى في خلقه، وقد ثبت بنص القرآن أنه لا تبديل لسننه تعالى ولا تحويل ١، وقد سبق أن أثار الشيخ رشيد هذه المسألة عند الكلام على كرامات الأولياء، واستشهد بالآيات التي تصرح بهذا المعنى ـ ولا أدري من هو أول من دس هذا البلاء تحت معنى هذه الآيات، إن هذه الآيات لا تتحدث عن السنن الطبيعية والقوانين الكونية، وعدم حدوث التغيير والتبديل فيها، قال ابن تيمية في معنى الآيات: " والمقصود أن الله أخبر أن سننه لن تتبدل ولن تتحول، وسنته عادته التي يسوي فيها بين الشيء وبين نظيره الماضي، وهذا يقتضي أنه سبحانه يحكم في الأمور المتماثلة بأحكام متماثلة" ٢.

ولو كان معنى الآية هو ما فهمه الشيخ رشيد لكان يرد مثل الذي استشكله على معجزات الأنبياء ـ صلى الله تعالى عليهم ـ، ومهما كان جوابه كان جوابنا لأنه لا يستطيع أن يفرق بينها في أصل التبديل والتحويل. فالمقصود من الآية بيان سنة الله تعالى في نصر الأنبياء ومن تبعهم، وخذلان أعدائهم ومن والاهم ٣، وهذا المعنى الذي فهمه الشيخ رشيد مناقض لأكثر آيات القرآن التي تصف وقائع الأنبياء وغيرها من عجائب قدرة الله تعالى. وهناك جواب آخر على سبيل التنزل مع الشيخ على ما فهمه أن المعنى: من سنة الله تعالى أن يخلق أشياءً بأسباب لحكمة، وأشياء بلا أسباب لحكمة أخرى، ولن تجد لسنة الله تبديلاً ٤.

وأيضاً فإن وقت ظهور الدجال هو من مقدمات اليوم الآخر، وفيه تكثر الخوارق، وكان ينبغي للشيخ رشيد أن يطبق قاعدته الصحيحة في أمور الغيب والآخرة، وهي الإيمان بما ورد منها مع تفويض الكيفية ٥.


١ تفسير المنار (٩/ ٤٩٠)
٢ مجموع الفتاوى (١٣/ ٢٣)
٣ انظر: الشوكاني: فتح القدير (٤/٣٥٦) ط. البابي الحلبي، بمصر الثانية، ١٣٨٣هـ
٤ مجلة المنار (١١/ ٩١٢) من رد لأحد العلماء على الشيخ رشيد.
٥ لقد كرر الشيخ هذه القاعدة وقد سبق ذلك مراراً. انظر: مجلة المنار (١٠/ ٢٨٩)

<<  <   >  >>