للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدعوى الأخيرة التي ادعاها الشيخ رشيد هي التعارض بين روايات الدجال، تعارضا يوجب تساقطهما ١، وقد ضرب أمثلة لهذا التعارض.

منها؛ أعني في حديث الدجال: التردد في زمن ظهوره، فبينما تشير بعض الروايات إلى أنه يخرج بعد الملحمة وفتح القسطنطينية ٢، تجوز بعض الروايات خروجه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، كأحاديث ابن صياد ٣. ويرى الشيخ رشيد تعارضاً بين الروايات فيما يتعلق بشخص الدجال، وهل هو ابن صياد أو غيره ٤. وأيضاً التردد في مكانه: هل هو في بحر الشام ـ أي المتوسط ـ أو بحر اليمن ـ وهو في الجنوب ـ أو جهة المشرق؟ ٥، وأيضاً؛ وفيما يتعلق بالفتن التي مع الدجال، هل هي حقيقية أو وهمية، فإنه يظهر من بعض الروايات أنها فتن حقيقية، ومع ذلك فقد ورد قوله صلى الله عليه وسلم: "هو أهون على الله من ذلك" ٦. هذه أهم أوجه التعارض عند الشيخ رشيد والتي جعلته يشك في صدور أحاديث الدجال عن النبي صلى الله عليه وسلم مع رواية البخاري لها ـ والذي يشيد الشيخ رشيد دائماً بروايته ويشك فيما لا يخرجه منها ـ إلا أنه هنا لا يجعل لما يرويه منها كرامة.

وأما سبب هذا التعارض عند الشيخ رشيد، هو أكبر من رد أحاديث الدجال، فهو:


١ تفسير المنار (٩/ ٤٩٠)
٢ انظر: مسلم: الصحيح، ك: الفتن، باب: ١٨، ح: ٢٩٢٠ (٤/ ٢٢٣٨) عبد الباقي.
٣ ابن صياد: اسمه صاف، من يهود المدينة، أسلم وتسمى بـ: "عبد الله". انظر: مسلم: الصحيح، ك: الفتن، ح: ٩٤ (٢٩٢٩) (٤/٢٢٤٣ـ ٢٢٤٤)
٤ انظر: البخاري: الصحيح، ك: الاعتقاد، باب: من رأى النكير من النبي حجة، ح: ٧٣٥٥ (١٣/ ٣٣٥) مع الفتح، ومسلم: ك: الفتن، باب ذكر ابن صياد، ح: ٩٥ (٢٩٣٠) ، وانظر: ابن حجر: فتح الباري (١٣/ ٣٣٧) وما بعدها، وابن كثير: النهاية (١/٦٠)
٥ انظر: مسلم: الصحيح، ك: الفتن، باب: قصة الجساسة، ح: ١١٩ (٢٩٤٢) (٤/ ٢٢٦١)
٦ انظر: البخاري الصحيح، ك: الفتن، باب: ذكر الدجال، ح: ٧١٢٢ (١٣/ ٩٦) مع الفتح.

<<  <   >  >>