للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: أن أحاديث الأشراط ـ كأكثر الأحاديث ـ قد رويت بالمعنى، قال: "واتفق عليه العلماء" ١، ويدلل عليه باختلاف رواة الصحاح في ألفاظ الحديث الواحد حتى المختصر منها، وكذلك بوجود الإدراج ٢، وقد كرر الشيخ رشيد هذه الشبهة، وهي شبهة ترد على السنة جميعها، فتكون هي ـ ومسألة الكتابة ـ ساقين قامت عليهما دعوى رد السنة ودفع الثقة بها، وهو يأتي على كل أبواب الشريعة التي احتج فيها بالسنة لأنه يقال فيها ما يقال في غيرها، لذا يجب دفع هاتين الشبهتين دفعاً، وإقامة البراهين على بطلانهما، لتسلم السنة، وهو ما أرجو أن أكون أديته في الباب الأول ٣.

ثانياً: أرجع الشيخ رشيد الاختلاف والاضطراب في أحاديث الدجال إلى أن الصحابة والتابعين كانوا يروون عن كل مسلم صادق وغير صادق دون تمييز، ثم إنهم لم يكونوا يفرقون في أداء ما سمعوه، بين ما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم وما سمعوه من غيره ٤، قال: " ... وقد ثبت أن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ كان يروي بعضهم عن بعض وعن التابعين حتى عن كعب الأحبار وأمثاله، والقاعدة عند أهل السنة أن جميع الصحابة عدول فلا يخل جهل اسم رواٍ منهم بصحة السند، وهي قاعدة أغلبية لا مطردة، فقد كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم منافقون ... " ٥. ثم خرج من كل ذلك بتقعيد قاعدة عامة في طرح الأحاديث، فقال: "كل حديث مشكل المتن أو مضطرب الرواية، أو مخالف لسنن الله تعالى في الخلق، أو لأصول الدين أو نصوصه القطعية أو للحسيات وأمثالها من القضايا اليقينية، فهو مظنة لما ذكرنا في هذه الشبهات، فمن صدق رواية مما ذكر ولم يجد فيها إشكالاً فالأصل فيها الصدق ومن ارتاب في كل شيء منها أو أورد عليه بعض المرتابين أو


١ تفسير المنار (٩/ ٥٠٦)
٢ الإدراج: أن تزاد لفظة في متن الحديث من كلام الراوي، وقد يقع في السند. انظر: ابن الصلاح: المقدمة (ص: ١٢٥) ، وابن كثير: الباعث الحثيث (ص: ٧٣)
٣ انظر (ص:١٢٧) من هذا البحث.
٤ تفسير المنار (٩/ ٥٠٦)
٥ المصدر نفسه والصفحة.

<<  <   >  >>