للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التفصيل ١، إلا أنني يمكنني أن أقول: إن أئمة الحديث قد بينوا الصحيح من غيره، وصنفوا في الموضوعات، وسجلوها حتى تعرف فلا تشتبه على أحد، ووضعوا قانوناً في الرواية عن الثقات، وبينوا الضعفاء والمتروكين والمتهمين بالكذب، حتى لم يبق صاحب بدعة أو كذب إلا وأظهروا أمره فحفظ الله تعالى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم بهم.

ثم إن الوضع في الحديث لم يقتصر على باب دون باب، بل تعددت دوافعه فتعددت موضوعاته ٢ ولا يدفعنا ذلك إذن إلى طرح الثقة بالروايات الصحيحة خوفاً من الوقوع فيما نحذر. فإذا كانت هناك روايات وضعت في المهدي تعصباً فإن ذلك لا يجعلنا نترك ما صح منها، فقد جاءت الروايات الصحيحة التي فيها ذكر المهدي وصفته واسمه واسم أبيه، فإذا عين إنسان شخصاً وقال: إنه المهدي دون أن يساعده على ذلك الدليل فهي من الدعاوى الباطلة المردودة، ولا يدفعنا ذلك إلى إنكار ما جاء في الصحيح من أمر المهدي ٣.

ثانياً: إن أحاديث المهدي الكثيرة التي ألف فيها مؤلفون وحكى تواترها جماعة، واعتقد موجبها أهل السنة والجماعة وغيرهم، تدل على حقيقة ثابتة بلا شك، ولا صلة البتة لهذه الحقيقة الثابتة عند أهل السنة بالعقيدة الشيعية، فإن ما يعتقده الشيعة على اختلاف فرقها من مهديين لا حقيقة له ولا أصل، بل هو شيء موهوم لا يقوم على ساق من الأدلة ٤. ولذلك فإن الخلاف بين الشيعة والسنة في ذلك ليس خلافاً معتبراً فيه حقيقة الخلاف العلمي، بل خلاف بين الدليل والوهم، فلا يعارض بهذا.


١ انظر هذه الجهود: د. عمر حسن فلاته: المصدر السابق (٣/ ٣٢٩) ، وانظر أيضاً: د. محمد مصطفى الأعظمي: منهج النقد عن المحدثين (ص: ٥ ـ ١٨) ، وأيضاً (ص: ٤٠ ـ ٤٢) ، ومصطفى السباعي: السنة ومكانتها في التشريع (ص: ٩٠ ـ ١٠٢)
٢ انظر: مصطفى السباعي: السنة ومكانتها في التشريع (ص: ٧٨) وما بعدها، ود. عمر حسن فلاته: الوضع في الحديث (١/ ١٧٣، ١٧٧)
٣ انظر: ابن القيم: المنار المنيف (ص: ١٤٥ ـ ١٥٣)
٤ انظر: الشيخ عبد المحسن العباد: عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر (ص: ٢٢١)

<<  <   >  >>