للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثاً: إنه ليس للمسلمين في أي زمن أن يتركوا ما أوجبه الله تعالى عليهم من نصرة الدين اتكالاً على ما جاء في أحاديث المهدي، ولو وقع ذلك منهم لكان خطأ يجب تصحيحه لهم، وإرشادهم إلى ما يجب عليهم من التصديق بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم والأخذ بها كلها، فتلك التي ترشد ـ مع آيات القرآن الكريم ـ إلى وجوب نصرة الله ورسوله والأخذ بأسباب القوة، والنصر، يجب الإيمان بها، كما يجب الإيمان بأن ظهور المهدي ما هو إلا حلقة في أواخر سلسلة طويلة ينصر الله به في زمنه دينه، ذلك الزمن الذي يستشري فيه الشر والظلم، وينزل فيه الدجال ١.

ثم إنني أقول فوق ذلك: إن الأحاديث المروية في المهدي ترجع إلى عصور الإسلام الأولى، واعتقد ما جاء فيها المسلمون الأولون، في القرون المفضلة ومن بعدهم، وكانت عندهم هذه الأحاديث وهذا الاعتقاد، فلم يحل ذلك بين أخذهم بأسباب القوة والنصر فمكن الله تعالى لهم في الأرض، مع اعتقادهم بهذه العقيدة، وإنما ساء حال المسلمين أخيراً بسبب سوء اعتقادهم، وفشو البدع فيهم ومنها رد الأحاديث الصحيحة وحملها على غير وجهها والتكذيب بما ورد في الشرع بتأويله أو تضعيفه فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا ينكرون.

وأما شبهة عدم ورود شيء من أحاديث المهدي في الصحيحين فقد سبق الكلام عليها ٢، ومع ذلك ففي الصحيحين من ذكر المهدي أحاديث أذكر منها:

أولاً: حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند البخاري ٣: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم". وفي


١ انظر: عبد المحسن العباد: الرد على من كذب بالأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي (ص: ١٣٣)
٢ انظر (ص:٧٨١) من هذا البحث.
٣ ك: أحاديث الأنبياء، باب: نزول عيسى، ح: ٣٤٤٩، ورواه أيضا: مسلم: الصحيح: ك: الإيمان، باب: تزول عيسى، ح: ٢٤٤ (١/١٣٦)

<<  <   >  >>