للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تأول الشيخ محمد عبده نزول المسيح بغلبة روحه وسر رسالته على الناس وهو ما غلب في تعليمه من الأمر بالرحمة والمحبة والسلم ١.

فأما مسألة أحاديث الآحاد فقد سبق لي أن بينت ما فيها في الكلام على موقف الشيخ رشيد من السنة ٢. ويضاف هنا أن أحاديث نزول المسيح متواترة كما بينت آنفاً، فهي تفيد اليقين الذي يطلبه الشيخ محمد عبده. وأما تأويله فحكايته كافية في رده، وهل غلبة روح المسيح هي التي سوف تكسر الصليب وتقتل الخنزير والدجال؟!؟ ٣.

وأما الشيخ رشيد فقد علق على قوله شيخه بقوله: "هذا ما قاله الأستاذ الإمام في الدرس مع بسط وإيضاح، ولكن ظواهر الأحاديث الواردة في ذلك تأباه" ٤. إلا أنه عطف على ذلك مباشرة ـ وربما كان ذلك مجاملة لشيخه وحفظاً لماء وجهه ـ وجهاً يرد به أصحاب التأويل فقال: "ولأهل التأويل أن يقولوا: إن هذه الأحاديث قد نقلت بالمعنى كأكثر الأحاديث والناقل للمعنى ينقل ما يفهمه" ٥، وربما لم يكن الشيخ محمد عبده يستطيع أن يصل إلى هذا المخرج، لولا أن إمكانات الشيخ رشيد الحديثية ساعدته، ومهما يكن من شيء، فإن هذه العبارة من الشيخ رشيد قد انطوت على أمرين سيئين: الأول: خدمته الجليلة لأهل التأويل وعلى رأسهم شيخه بهذه الفائدة وتجويز تأويلهم مستندين إليها. والثاني: وهو أشد الأمرين: زعمه أن أكثر الأحاديث قد رويت بالمعنى، وقد عرفت ما فيه عند مناقشة موقفه من السنة ٦.

وأريد أن أتجاوز هذا الموضع إلى موضع آخر تكلم فيه الشيخ رشيد


١ المصدر نفسه والصفحة.
٢ انظر (ص:١١٩) من هذا البحث.
٣ انظر: محمد خليل هراس: فصل المقال (ص: ٥٨)
٤ تفسير المنار (٣/ ٣١٧)
٥ المصدر نفسه والصفحة.
٦ انظر (ص: ١٢٧) من هذا البحث.

<<  <   >  >>