للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ} ١، وقال: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً} ٢، فأشارت هاتان الآيتان إلى آيتين من آيات المسيح عليه السلام: الأولى: تكلمه في المهد، والثانية: تكلمه بعد نزوله قبل يوم القيامة وهو في حال الكهولة، وإلا فإن كلام الكهل في معتاد الأحوال أمر مألوف فلا وجه لعطفه على كلام الطفولة ٣.

وقال تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ} ٤، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية بأنه خروج عيسى بن مريم عليه السلام قبل يوم القيامة ٥، أي: وإن عيسى لعلم للساعة تعلم بنزوله فلا تشكن فيها ٦.

وأما الأحاديث في نزوله صلى الله عليه وسلم فمتواترة ٧، وعلى نزوله وقع إجماع المسلمين ٨.

ولقد أنكر الشيخ محمد عبده أحاديث النزول في آخر الزمان، وبنى إنكاره على طريقين: الأول: أنها أحاديث آحاد متعلقة بأمر اعتقادي والتي لا يؤخذ فيها إلا بالقطعي الذي يورث اليقين ٩. والطريق الثاني: التأويل، وقد


١ سورة آل عمران، الآية (٤٦)
٢ سورة المائدة، الآية (١١٠)
٣ انظر: ابن جرير: التفسير (٦/ ٤٢٠) ، والآلوسي: روح المعاني (٤/ ١٧٩) ، وانظر أيضاً: محمد خليل هراس: الصدر السابق (ص: ٢٠)
٤ سورة الزخرف، الآية (٦١)
٥ انظر: أحمد: المسند (٤/ ٣٢٨ ـ ٣٢٩) ح: ٢٩٢١، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح.
٦ انظر: محمد خليل هراس: فصل المقال (ص: ٢١)
٧ انظر: صديق حسن خان: الإذاعة (ص: ١٦٠) ، والكتاني: نظم المتناثر (ص: ١٤٧) ، وأنور شاه الكشميري: التصريح بما تواتر في نزول المسيح.
٨ نقل الإجماع: ابن عطية: المحرر الوجيز (٣/ ١٠٥) ، والسفاريني: لوامع الأنوار (٢/ ٩٤)
٩ تفسير المنار (٣/ ٣١٧)

<<  <   >  >>