للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنها شأو المدرسة النظامية في نيسابور، فكان لزاما لهذا وذاك أن كثر الإنتاج للمؤلفات النحوية، وأربى عدد المشتغلين بالنحو عمن كانوا قبلهم في هذه البلاد غير أنهم ما برحوا يقتفون طرائق أسلافهم، فكانوا مرآة صادقة لهم انطبعت فيها اتجاهاتهم لأخذهم عنهم، فظلت النزعات الثلاثة: البصرية والكوفية والبغدادية، وهكذا تنقلت هذه النزعات من الأساتذة لمن يتلقون منهم حينا من الدهر، إذ أنهم تحللوا في أخريات أيامهم من الوقوف في هذا المحيط الثلاثة أو أن يبتدع رأيا جديدا بدا له، ولسنا بحاجة إلى ذكر أمثلة نبين فيها مختلف آرائهم في جزئية، فإن أقوال العلماء الذين نحن بصددهم منثورة مشهورة في كتب النحو، ولقد استمر نشاط هؤلاء المشارقة إلى أن دهمتهم حوادث التتر فصرفتهم عن العناية بهذا العلم، وهاك مشاهيرهم مرتبين بحسب وفياتهم مع ذكر بعض مؤلفاتهم.

١- السيرافي: هو أبو سعيد الحسن بن عبد الله١ نشأ بسيراف "من بلاد فارس على الخليج الفارسي" وارتحل إلى عمان في سبيل العلم، ثم عاد إلى سيراف، ثم اتجه إلى عسكر مكرم، ثم توطن بغداد وولي القضاء فيها، تلقى عن "ابن السراج ومبرمان وابن دريد" وغيرهم، دخل على ابن دريد مرة وهو يقول أول من أقوى في الشعر آدم في قوله:

تغيرت البلاد ومن عليها ... فوجه الأرض مغبر قبيح

تغير كل ذي لون وطعم ... وقل بشاشة الوجه المليح

فقال له: يمكن إنشاده على وجه لا إقواء فيه، وذلك بنصب بشاشة على التمييز ورفع المليح بقل، وحذف التنوين لالتقاء الساكنين، فرفعه حتى


١ كان مجوسيا واسمه بهزاد فأسلم فسمي عبد الله، وكان السيرافي مفتنا في علوم القراءات والنحو واللغة والفقه والفرائض والكلام والشعر والعروض والقوافي والحساب وسائر العلوم مع الزهد والورع.

<<  <   >  >>