للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مما فيه، يشهد لقوة هذا الظن ما ذكره العكبري نفسه في شرحه لديوان المتنبي عند المناسبة لذكر الخلاف، فكما عزز الأنبارى المذهب البصري عزز العكبري المذهب الكوفي.

توفي رحمه الله ببغداد "في شهر ربيع من سنة ٦١٦هـ، وقد قارب الثمانين".

١٨- ابن الخباز: هو أحمد الضرير بن الحسين، نشأ بإربل، وتلقى العلم بالموصل، واشتهر قدره، ومن مصنفاته النحوية، النهاية، وشرح ألفية ابن معط، توفي بالموصل سنة ٦٣٧هـ.

فإنها كانت تحل العلماء وتحبوهم، وقد عرفت في ترجمة الكندي أن الأمير "فروخشاه" أحسن وفادته في دمشق واستوزره وبوأ له مقاما رغيبا فيها حتى قضى نحبه، وأن الملك "عيسى" الأيوبي تلقى عنه كتاب سيبويه وشرحه، وإيضاح الفارسي، كما تلقى عضد الدولة عن الفارسي من قبل، بل إن هذا الملك بلغ حبه للعربية وإجلاله لذويها "أنه قد شرط لكل من يحفظ المفصل للزمخشري مائة دينار وخلعه، فحفظه لهذا السبب جماعة"١.

لهذا نشأ بالقطرين في هذا العهد بعض علماء النحو الذين أخذوا عن أسلافهم من القطرين، فكانوا يقتفون كمن سبقهم من العلماء مذاهب العراقيين لأنهم تلقوا نحوهم عنهم قبل إقفار المشرق من هذا العلم وعلمائه، وقد توارد إليهم في هذا الحين فئة من المغاربة والأندلسيين في عهد الدولتين: الفاطمية والأيوبية، وليس بخاف أن المشتغلين بالنحو في القطرين لهذا العهد وإن زادت نسبتهم عن سابقيهم نسبيا، فقد كانوا قليلي العدد ولم تمتد أيامهم، على أن الشام كانت أوكس نصيبا من مصر لكثرة الشغب بها من عدوان الصليبيين والتتر حينا بعد آخر، حتى آل الأمر إلى المماليك وولَّى المسلمون وجوههم شطر القطرين بعد أن عصفت العواصف بالخلافة، حدثت نهضة جديرة بالتقدير لهذا العلم، والكلام عليها في المطلب الثاني إن شاء الله، ودونك أشهر العلماء في القطرين مرتبين على حسب وفياتهم.


١ راجع ترجمة الملك عيسى في وفيات الأعيان، وفي شذرات الذهب.

<<  <   >  >>