للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشريف الجرجاني" إلى أن يتناظرا بين يديه يمتع عينيه فشجر بينهما الخلاف في الاستعارة التمثيلية، فجوز السعد فيها أن تكون تبعية، ومنع السيد التبعية فيها، وطال احتجاج الطرفين، وكانت العاقبة انهزام السعد فموته هما وحزنا، كما كان يفكر في القضاء على ابن خلدون لكن ابن خلدون احتال عليه وأمله في عودته من القاهرة حاملا كتبه إليه فذهب وخلص من شره، طالت مدة هذه الطاغية، فلم يمت حتى دوخ الشرق في عهده الطويل فقد ملك ستا وثلاثين سنة والشعوب الإسلامية تحت نير العسف والاضطهاد لا هم لهذه الشعوب المغلوبة فيها إلا سلامة أرواحهم حتى توفي سنة ٨٠٧هـ، فاختلف أعقابه من بعده وألقيت بينهم العداوة والبغضاء، وقد أسلم بعضهم ودان الآخرون بالبوذية، فتفككت أواصرهم وانشعبت مملكتهم، وكان الشرق يموج يومئذ بالفتن فتدول دولة وتقوم أخرى، أو ينحل فتل دولة ويبرم فتل أخرى.

فقد توطد في هذا الحين ملك الدولة العثمانية التي اتخذت بعد فترة من نشأتها عاصمتها الجديدة "القسطنطينية" بعد فتحها المعدود أعجوبة الدهر سنة ٧٥٨هـ على يد السلطان محمد الثاني الفاتح، وقد اطرد على مرور الزمن تقدم نهضة الدولة العثمانية حتى استولت على القطرين في عهد السلطان سليم سنة ٩٢٣هـ وكان لهذا الاستيلاء أثره البالغ في طرو عهد جديد على اللغة العربية، وبالتالي على النحو الذي نتحدث عنه وسترى تفصيل ذلك في الفصل الثالث، وقد بلغت الدولة العثمانية أوج مجدها في عهد السلطان سليمان القانوني المتوفى سنة ٩٧٣هـ فكان لها شطر كبير من بلاد الشرق، فقد وصلت المملكة العثمانية زمن السلطان المذكور فيه إلى آخر العراق شرقا باقتطاع جزء كبير من أملاك الدولة الصفوية الآتي الكلام عليها بعد، فدخلت "بغداد" في ملكه.

وظهرت أيضا في هذا الحين الدولة الصفوية بخراسان وحالفها الظفر في المشرق حتى أدال الله لها على الدولة التيمورية بعد حرب ضروس في

<<  <   >  >>