للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موقعة "شرور" سنة ٩٠٧هـ انتصر فيها الشاه إسماعيل الصفوي رأس الدولة الصفوية، واتسع ملكه فامتد بين جيحون وخليج البصرة وأفغانستان والفرات، فلم يعد بعدئذ للدولة التيمورية أثر وكأن لم تغن١ بالأمس وكان آخر سلاطينها سلطان هراة "حسين مرزا" المتوفى سنة ٩١١هـ.

فنشوء الدولتين الفتيتين: "العثمانية والصفوية" حول التيمورية قضى عليها القضاء النهائي، لكن الطمع الدنيوي لم يدع الصفاء بين الدولتين الباقيتين، فقامت حروب بعدئذ بين السلطان سليم والشاه إسماعيل مدة طويلة، وبالجملة كان المشرق بركان ثوران في نواحيه عامة ولا قرار فيه للهدوء والسكون، والعلماء كافة أنأى الناس عن مثار الاضطرابات يركنون إلى مثابات الاستقرار في مواطن الأمن الشامل؛ لهذا قد تصوبت أنظار النحاة إلى القطرين "مصر والشام" فأخذوا يرتحلون من المشرق رويدا رويدا، إلى أن حان وقت تفردت فيه القاهرة بالقيام بأعباء النهضة الثقافية للمسلمين وآضت٢ كعبة القاصدين. هذه حال بلاد المشرق.

أما الأندلس وبلاد المغرب فإنه ما انفك فيهما بقية من علماء النحو تشتغل به بعيدة عن فوضى بلاد المشرق حتى ألمت بهم النوائب فاختلف ملوك بني الأحمر وتفرقوا أحزابا واستعرت الحروب بينهم فطفق العلماء يهبطون من الأندلس والمغرب إلى القطرين كالمشارقة أرسالا إلى أن سقطت الأندلس واستولى عليها الفرنجة سنة ٨٩٧هـ وستعرف تفصيل ذلك في الفصل الثاني، فلم ير المطرودون من الأندلس والمغرب ملجأ لهم إلا القطرين كما سبقهم من قبل إخوانهم المشارقة، ومن ذلك تعرف أن القطرين: "مصر والشام" اتسع رحبهما للوافدين إليهما من اليمين واليسار؛ من المشرق والمغرب، وفيهما التقى علماء المشرق والمغرب بعلماء القطرين، وقامت القاهرة عاصمة القطرين بدورها بعد أختيها: "بغداد وقرطبة"، وعلى هذا ينبغي في الكلام على هذا العلم ورجاله في هذا العهد أن نسير على طباق ما تقدم في المطلب الأول إذ الحال من حيث الاتجاه في النزعة لم تتغير عند كل فريق من الثلاثة وبذلك انقسم الحديث إلى ثلاثة فصول:


١ من عنى بالمكان: أقام به.
٢ صارت.

<<  <   >  >>