للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشيء إلى غيره، فقال: لا والله ما يقال هذا، ثم التفت إلى المبرد فأمسك ولم يقل شيئا، ثم قام من المجلس مقهورا.

قال ياقوت١: "لا أدري لم لا يجوز هذا؟ وما أظن أحدا ينكر قول القائل: رأيت الفرسين مركوبي زيد، ولا الغلامين عبدي عمرو، ولا الثوبين دراعتي٢ عمرو، ومثله مررت بالزيدين ظريفي عمرو، فيكون مضافا إلى عمرو، وهو صفة لزيد، وهذا ظاهر لكل متأمل".

وقال القفطي: "قال البصريون والقول ما قاله المبرد، وإنما ترك الجواب أدبا مع محمد بن عبد الله بن طاهر لما تعجل اليمين وحلف: لا يقال هذا"٣.

ومع استظهار ياقوت له ونقل القفطي موافقة البصريين له، فالنفس لا تستريح إليه، نعم لا نكران في صحة الأمثلة المنظر بها من ياقوت لكنها ليست مما ينبغي التنظير بها لأنها من قبيل الأبدال لا النعوت فلا تشفع في صحة دعوى المبرد ولهذا قال البغدادي: "وأقول هذه الأمثلة كلها أبدال لا نعوت لعدم الربط".

ومن العجب الذي يسترعي النظر أن هذا البيت نفسه قد وقع فيه الخلاف سابقا قبل المبرد وثعلب على هذا النحو بين الكسائي والفراء وكان رأي الكسائي فيه ما قال ثعلب في المناظرة، ورأي الفراء فيه ما قال المبرد فيها، غير أن الفراء اعتبر حذف النون في المثنى لضرورة النظم لا للإضافة كما قال المبرد، وعلى هذا ففي توجيه البيت أقوال ثلاثة، وتخريج الفراء مقبول وإن لزمته ضرورة حذف النون فإن مقابله وهو تخريج الكسائي قد لزمه ضرورة عوم لام الفعل فقد تساوى الرأيان والتكافؤ بينهما قائم، وقد عرض


١ راجع معجم الأدباء ترجمة ثعلب.
٢ الدراعة بضم الدال وتشديد الراء ثوب من صوف.
٣ إنباه الرواة ترجمة ثعلب.

<<  <   >  >>