للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأصمعي وهما ما اجتمعا قط، وابن الأعرابي بإزاء غلمان الأصمعي، وإنما كان يرد عليه بعده، وحري بمن عمي عن معرفة قوم أن يكون عن علومهم أعمى وأضل سبيلا "١.

لهذا سنذكر علماء البصرة والكوفة، فإن هذا العلم إنما نشأ ونما وازدهر فيهما دون غيرهما من سائر الأمصار الإسلامية، فلم يكن بالحجاز ولا بالشام شيء يذكر من النحو واللغة بجانب ما في العراق.

أما الحجاز فإن بني أمية قد أغدقوا على أهل المدينة ومكة العطايا المتدفقة من خزائن الشام خشية قيام من بهما من الهاشميين وأبناء الصحابة بالمطالبة بالخلافة ووسعوهم بالحلم حتى أخلدوا إلى التمتع بلذائذ الدنيا، ونبغ فيهم المغنون وأهل القصف٢، وصدفوا عن النظر إلى هذا العلم، واستمر ذلك دأبهم حتى في خلافة العباسيين.

وأما الشام فإن دمشق صارت دار الخلافة والملك، وقد عرفت آنفا أن وضع هذا العلم في البصرة، ونشوءه في البصرة والكوفة.

قال أبو الطيب: "ولا علم للعرب إلا في هاتين المدينتين، فأما مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلا نعلم بها إماما في العربية، قال الأصمعي: أقمت بالمدينة زمانا ما رأيت بها قصيدة واحدة صحيحة إلا مصحفة أو مصنوعة، وكان بها ابن دأب يضع الشعر وأحاديث السمر وكلاما ينسبه إلى العرب فسقط وذهب علمه وخفيت روايته "وهو عيسى بن يزيد بن بكر بن دأب الكناني، يكنى أبا الوليد وكان شاعرا وعلمه بالأخبار أكثر" وممن كان بالمدينة أيضا علي الملقب بالجمل، وضع كتابا في النحو لم يكن شيئا، وأما مكة فكان بها رجل من الموالي يقال له ابن قسطنطين، شدا شيئا من النحو، ووضع كتابا


١ مراتب النحويين، ونقل في المزهر أول النوع الرابع والأربعين.
٢ في القاموس: وأما القصف من اللهو فغير عربي وفي المصباح: القصف اللهو واللعب قال ابن دريد لا أحسبه عربيا.

<<  <   >  >>