قال أبو الطيب:"وأما بغداد فمدينة ملك وليست بمدينة علم، وما فيها من العلم منقول إليها ومجلوب للخلفاء وأتباعهم"١.
وسنبدأ بذكر طبقات البصرة قبل الكوفة إذ إن البصرة كما عرفت استأثرت بهذا العلم زهاء مائة عام، ثم تعاصرتا فكانت الأولى الكوفية والثالثة البصرية، وهكذا حتى الخامسة الكوفية والسابعة البصرية اللتان توطنتا بغداد، ثم كان البغداديون والأندلسيون، والمصريون والشاميون.
والنظر في تعاقب طبقة لأخرى يرجع إلى الهيئة العامة فيهما، فربما أخذ واحد أو أكثر من طبقة عن واحد أو أكثر من طبقة سابقة، لا أن يأخذ كل عن كل، فالمنظور إليه المجموع لا الجميع، ولكتاب التراجم في فريقي البصريين والكوفيين مخالفات في عد الطبقات نشأ عنها اختلاف في وضع بعض الرجال ببعضها، ولعل مبعث هذا اللاحق الزمني وتقارب المعاصرة دون حد ظاهر فاصل بين كل طبقة وأخرى، على أنه ليس لهذا الاختلاف من أثر، وأول من صنف الطبقات أبو العباس المبرد وضع كتابه طبقات النحويين البصريين، ثم صنف بعده أبو الطيب اللغوي كتابه مراتب النحويين، ثم ألف بعده السيرافي كتابه أخبار النحويين البصريين، ثم دون بعده الزبيدي كتابه طبقات النحويين واللغويين، ثم صنف بعده الأنباري كتابه نزهة الألبا في طبقات الأدبا، ثم ألف القفطي بعده كتابه إنباه الرواة على أنباه النحاة، ثم اطرد التأليف بعدئذ وظهرت كتب لا حاجة لذكرها، وقد عولنا على ما اشتهر بينهم في الطبقات كما اقتصرنا على مشاهير الرجال في كل طبقة.
وقد التزمت مع العلماء الذين جرى التعريف بهم في الكتب النحوية بلقب أو كنية أن أذكر اسمهم الحقيقي مع ما اشتهروا به من كنية أو لقب حتى يسهل على الراغب الكشف على ما يجب الاطلاع عليه منها في كتب التراجم والمعاجم، فإن أغلبها مرتب على حسب الحروف الأبجدية باعتبار