للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَلْدَةٍ} ١، وقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ٢، فإن هذا لم يبن على الفعل ولكنه جاء على مثل قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} ٣، ثم قال بعد: فيها كذا وكذا، فإنما وضع المثل للحديث الذي بعده وذكر بعد أخبار وأحاديث فكأنه على قوله ومن القصص مثل الجنة أو مما يقص عليكم مثل الجنة٤، فهو محمول على هذا الإضمار ونحوه والله أعلم وكذلك الزانية والزاني كأنه لما قال: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} ، قال في الفرائض الزانية والزاني، أو الزانية والزاني في الفرائض، ثم قال: {فَاجْلِدُوا} فجاء بالفعل بعد أن مضى فيهما الرفع إلخ"٥، وهكذا.

والشواهد النثرية المعين الذي لا ينضب في الاستشهاد لكثرتها والظفر بها عند تلمس الدليل فهي منطق العربي في غداواته وروحاته يرسلها متى شاء وحيث كان وفيما يبتغي ويريد، ويدخل فيها الأمثال السائرة يسمعها سيبويه من العلماء الذين يتلقى عنهم، أو يأخذها مشافهة من العربي وهاك شيئا منها: قال سيبويه: "ومثل قولهم "ومن كان أخاك" قول العرب: "ما جاءت حاجتك"٦، وقال أيضا: "وسمعنا من يوثق به من العرب يقول: اجتمعت أهل اليمامة إلخ"٧، ومن الأمثال ما قال: "كما جعلوا عسى بمنزلة كان في قولهم: عسى الغوير أبؤسا"٨، وهكذا.

والشواهد الشعرية كثيرة كذلك، فقد قالوا: إن فيه ألفا وخمسين بيتا غير أنه لم يعن رحمه الله بنسبة الشعر المذكور إلى قائليه في كثير من الشواهد، سواء ما استشهد به العلماء الحاكي عنهم وما استشهد به هو، لأن بعض الشعر قد روي لشاعرين أو أكثر، وبعضه قديم العهد لا يعرف قائله،


١ سورة النور، الآية: ٢.
٢ سورة المائدة، الآية: ٣٨.
٣ سورة محمد، الآية: ١٥.
٤ أي على حذف الخبر.
٥ جـ١ ص٧١.
٦ جـ١ ص٢٤.
٧ جـ١ ص٢٦ أنث الفعل حيث أضيف الفاعل إلى مؤنث مع صحة الاستغناء.
٨ جـ١ ص٢٤.

<<  <   >  >>