للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجرمي في الجزء الثاني:

أرمي عليها وهي فرع أجمع ... وهي ثلاث أذرع وأصبع١

وبعد فمما لا ريب فيه بين العلماء قاطبة أن سيبويه لم يحتج في كتابه إلا بأشعار من يستشهد بشعرهم من الجاهليين والمخضرمين والإسلاميين فلم يتجاوزهم إلى المحدثين، ولقد كان ذلك في تعليمه ودراسته وحجاجه، نعم روي أنه عاب على بشار صدر المحدثين كلمات له في أبيات، وبلغ عيبه لها بشارا، فقال يهجوه:

أسبويه يابن الفارسية ما الذي ... تحدثت عن شتمي وما كنت تنبذ

أظلت تغني سادرا في مساءتي ... وأمك بالمصرين تعطي وتأخذ٢

فتوقى شره بعدئذ، وكان إذا سئل عن شيء فأجاب عنه ووجد له من شعر بشار شاهدا احتج به استنكافا لشره٣.

ومن الحق البين أن الكتاب يحتاج إلى دراسة طويلة عميقة في البحث يضيق المقام عن استيفائها، وما أجدرها بسفر خاص!

تقدير الكتاب:

لقد دهش الناس عند ظهور الكتاب فجأة على صورته الرائعة الغريبة من سيبويه الشاب، فتسرب إلى نفوسهم الظن في أمانته العلمية، قال يونس: "أظن هذا الغلام كذب على الخليل" فقيل له وقد روى عنك أيضا، فاستحضر الكتاب ورأى ما نقله عنه صحيحا، فقال إنه صدق في جميع ما قال.

عظم شأن الكتاب في البصرة حتى صار علما بالغلبة، فكان إذا قيل في


١ ص٣٠٨.
٢ راجع الأغاني أخبار بشار جـ٣ ص٢١٠ طبع الدار.
٣ إن صحت هذه الرواية فاستشهاد سيبويه كان في أثناء الدرس فقط إذ لم يثبت في كتابه شواهد لبشار.

<<  <   >  >>