للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البصرة فلان يقرأ الكتاب فلا يفهم السامع سوى كتاب سيبوبه، بل سموه إكبارا له "قرآن النحو"، وهكذا كان الكتاب أعجوبة الدهر الخالدة فإنه منذ ألف استفرغ عناية العلماء به في الطواف حوله، فمن شارح له ومن شارح لشواهده ومن منتقد له واتخذوا حينا وضع كتاب جديد بعده، ولهذا كان يقول المازني: "ومن أراد أن يصنف كتابا واسعا في النحو بعد سيبويه فليستحي".

لم يقف العلماء فيه على عثرات شأن المؤلفات الضافية "لا في أسلوبه ولا في القواعد المسطورة" فيه، مع أن الكتاب باكورة في النحو، ومع كثرة الناظرين فيه، وحسبه في أسلوبه أن يتلقف ابن الطراوة غلطة واحدة فيه، ثم لم تسلم له مع هذا إلا تلك: هي أن سيبويه في الجزء الأول باب "ما تجري عليه صفة ما كان من سببه وصفة ما التبس به، إلخ" أجاب بكلمة نعم عن استفهام تقريري داخل على النفي مرتين إذ يقول: "قيل له: ألست تعلم أن الصفة. فإنه لا يجد بدا من أن يقول نعم. أفلست تجعل هذا العمل. فإنه قائل: نعم"١. والمعروف في "نعم" أنها جواب لما بعد الاستفهام، وهو خلاف المراد على ما هو واضح.

ودفع هذا التعقب ابن هشام في المغني مبحث "نعم" فقال: "وزعم ابن الطراوة أن ذلك لحن. ويجوز عند أمن اللبس أن يجاب النفي بما يجاب به الإيجاب رعيا لمعناه. وعلى ذلك قول الأنصار -رضي الله عنهم- للنبي -صلى الله عليه وسلم- وقد قال: "ألستم ترون لهم ذلك قالوا: نعم" وعلى ذلك جرى كلام سيبويه، والمخطئ مخطئ".

ويكفيه في قواعده أن الزجاج لم يعثر إلا على غلطتين فيها: إحداهما اعتباره بناء "أي" الموصولة على الضم مع الإضافة وحذف صدر الصلة، قال ابن هشام في المغني مبحث "أي": "قال الزجاج: ما تبين لي أن سيبويه


١ جـ١ ص٢٢٧.

<<  <   >  >>