يا سهمُ للبرقِ الذي استطارا ... ثابَ على رغمِ الدجى نهارا
آض لنا ماءً وكان نارا ... أرضَى الثرى وأسخطَ الغبارا
وينشد أهل المعاني فيه
نارٌ تجددُ للعيدانِ تضرمها ... والنارُ تلفحُ عيداناً فتحترقُ
وقال البحتري
فسقاهمْ وإنْ أطالتْ نواهُ ... خلفةُ الدهرِ ليلهُ ونهارهُ
كلُّ جودٍ إذا التقَى البرقُ فيه ... أوقدتْ للعيونِ بالماءِ نارهُ
وقال آخر
بدا البرقُ من نحوِ الحجازِ فشاقني ... وكلُّ حجازيٍّ له البرقُ شائقُ
سرى مثلَ نبضِ العرقِ والليلُ دونهُ ... وأعلامُ نجدٍ كلها والأسالقُ
وقال الطائي مثله
إليكَ سرى بالمدحِ قومٌ كأنهم ... على الميسِ حياتُ اللصابِ النضانضُ
تشيم بروقاً من تدارك كأنها ... وقد لاحَ أولاها عروقٌ نوابضُ
اللصاب الطرق في الجبال واحدها لصب والنضانض الحيات الواحد نضناض وهو الذي له حركةٌ لا تستقر، والميس خشب الرحل فخبر أنهم قد أعيوا من السير حتى صاروا في الدقة كالحيات ومثله قوله أيضاً
وركبٍ كأمثالِ الأسنةِ عرسوا ... على مثلها والليلُ تسطو غياهبهْ
لأمرٍ عليهمْ أنْ تتمَّ صدورهْ ... وليسَ عليهمْ أن تتمَّ عواقبه
وله من سفر قد أنضوا ركائبهم
فقد أكلوا منها الغواربَ بالسرى ... وصارتْ لها أشباحهم كالغواربِ
باب) ١٠ (في
[نحول المسافرين]
ومما يتصل بذلك في تحولِ المسافرين وضمور الإبلِ وشدة التعب قول ذي الرمة
وأشعثَ مثل السيفِ قد لاحَ جسمهُ ... وجيفُ المهارَى والهمومُ الأباعدُ
سقاهُ الكرى كأسَ النعاسِ فرأسُهُ ... لدينِ الكرى من أولِ الليلِ ساجدُ
وقال آخر
وفلاةٍ كأنما اشتمل اللي ... لُ على ركبها بأبناء حامِ
خضتُ فيها إلى الخليفة بالشر ... فةِ بحريْ ظهيرةٍ وظلامِ
وقال الطائي يصف مسافرين
سفعَ الدؤبُ وجوههمْ فكأنَّهم ... وأبوهمُ سامٌ أبوهم حامُ
وقال ابن المعتز
ثمَّ استشارهمُ دليلٌ فارطٌ ... يسمو لغايتهِ بعينيْ أجدلِ
لبسَ الشحوبَ مع الظهائرِ وجههُ ... فكأنه ماويةٌ لم تصقلِ
وقال ذو الرمة
ألمتْ بشعثٍ كالسيوفِ وأينقٍ ... حراجيجَ من نسلِ الجديلِ وداعرِ
جذبنَ البرَى حتى شدفنَ وأصعرَتْ ... أنوفَ المهارَى لقوةً في المناخرِ
وفي نعت الناقة يقول أيضاً
رجيعةِ أسفارٍ كأنَّ زمامها ... شجاعٌ على يسرى الذراعينِ مطرقُ
وقال آخر
تنازعُ مثنى حضرمي كأنه ... حبابُ نقًى يتلوهُ مرتحلٌ يرمي
شبهَ زمامها بالحية وقال الفرزدق
إذا ما أنيختْ قابلتْ عن ظهروها ... حراجيج أمثالُ الأهلةِ شسفُ
وقال ثابتُ قطنةَ في ناقة
وكأنَّ مدرجةَ النسوعِ بدفِّها ... طرقٌ تقدُّ سباسباً وإكاما
وقال ابن المعتز في ناقة
ترنو بناظرةٍ كأنّ حجاجها ... قلتْ أنافَ بشاهقٍ لم يحللِ
وكأنَّ آثارَ النسوعِ بدفِّها ... مسرى الأساودِ في هيامٍ أهيلِ
وكأنَّ مسقطها إذا ما عرستْ ... آثارُ مسقطِ ساجدٍ متبتلِ
ويسدُّ حاذيها بحبلٍ كاملٍ ... كعسيبِ نخلٍ خوصهُ لم ينجلِ
وقال أيضاً
كأن المطايا إذْ غدونَ بسحرةٍ ... تركنَ أفاحيص القطا في المباركِ
وقال مالك بن أخي رفيع
كأنَّ عيونهنَّ قلاتُ هضبٍ ... تحدرُ من مدامعهنَّ ماءُ
وقال العتابي
إذا الركائبُ مخسوفٌ نواظرها ... كما تضمنتِ الدهنَ القواريرُ
ونحوهُ قول آخر في ناقة كالةٍ وهو ذو الرمة
كأنما عينُها منها وقد ضمرتْ ... وضمها السيرُ ضماً في الأضاميمُ
الأضا الغدرانُ والميضأة التي يتوضأ فيها للصلاة وقال آخر
ألا حبذا عيشُ الرخاء وضجعهُ ... إلى جنبِ مقلاقِ الوضينِ سعومِ
الوضين للبعير مثل الحزام للدابة والسعوم الواسعة الخطو
ترامتْ بها الأهوالُ حتى كأنما ... تحيف من أقطارها بقدومِ
وقال ابن الخطيم نحو ذلك
وقد ضمرتْ حتى كأنَّ وضينها ... وشاحُ عروسٍ جال منها على خصرِ
وقال ذو الرمة في كلال ناقة