فنهنهتهُ حتى لبست مفاضةً ... دلاصاً كلونِ النهي ريحَ وأمطرا
وقال ابن المعتز
كم بطلٍ بارزتهُ في الوغى ... عليه درعٌ خلتها تطردْ
كأنها ماءٌ عليه جرى ... حتى إذا ما غابَ فيه جمدْ
وله
ودروعٌ كأنها شمطُ الجع ... دِ دهيناً تضلُّ فيه المدارى
وقال آخر
وأرعنَ ملمومِ الكتائبِ خيلهُ ... مضرجةٌ أعرافُها ونحورها
عليها مذالاتُ القيونِ كأنها ... عيونُ الأفاعي سردها وقتيرها
وقال آخر
وزنتْ كتائبها الجبالَ وسربلتْ ... حلقَ الحديدِ فأظهرتهُ عتادها
فتخالُ موجَ البحرِ يصغو بعضهُ ... بعضاً وميضَ قتيرها وسرادها
وقال سالم الخاسرُ
كأنَّ حبابَ الغدرِ سالَ عليهم ... وما هو إلا السابغاتُ الموائرُ
وقال ابن المعتز
بحيثُ لا غوثَ إلا صارمٌ ذكرٌ ... وجنةٌ كحبابِ الماء تغشاني
وأنشدنا ثعلبٌ
ونثرةٍ تهزأ بالنصالِ ... كأنها من خلعِ الهلالِ
وزعم أن الهلال الحيةُ وأخذهُ محمد بن عبد الملك الحلبي فقال
نهنهتُ أولاها بضربٍ صادقٍ ... هبرٍ كما شقَّ الرداء المعلمُ
وعلى سابغةُ الذيولِ كأنها ... سلخٌ كسانيه الشجاعُ الأرقمُ
وقال مزرد بن ضرار
ومسفوحةٌ فضفاضةٌ تبعيةٌ ... وءآها القتيرُ تجتويها المعابل
دلاصٌ كظهر النونِ لا يستطيعها ... سنانٌ ولا تلك الحظاءُ الدواخلُ
وقال معقرٌ البارقي في البيض
كأن نعامَ الدوِّ باضَ عليهمُ ... وأعينهمْ تحت الحديدِ حواجرُ
وقال سلامة بن جندل
كأن النعام باضَ فوق رؤوسهم ... إلى الموتِ برقٌ من تهامةَ لامعُ
[باب ٢٩ في]
[تكافؤ الأقران في الحرب]
ومن التشبيهات الحسان في تكافؤ الأقران في الحرب قول مهلهل بن ربيعة
كأنا غدوةً وبني أبينا ... بجنبِ عنيزةٍ رحيا مدير
وقال أيضاً نحو هذا
أنبضوا معجس القسيِّ وأوعدْ ... نا كما توعد الفحولُ الفحولا
وأخذ زهير هذا المعنى فقال
نطعنهمْ ما ارتموا حتى إذا طعنوا ... ضاربَ حتى إذا ما ضاربوا اعتنقا
وقال آخر
دنوتُ له بأبيضَ مشرفيٍّ ... كما يدنو المصافحُ للسلامِ
ومن حسن التشبيه في الإقدام قول أبي العتاهية
كأنك يومَ الطعنِ في الحربِ إنما ... تفرُّ من السلمِ الذي من ورائكا
كانَّ المنايا ليسَ يجرينَ في الوغى ... إذا التقتِ الأبطالُ إلا برائكا
وقال قيس بن الخطيم
إذا ما فررنا كان أسوا فرارنا ... صدودَ الخدودِ وازورارَ المناكب
صدودَ الخدودِ والقنا متشاجرٌ ... ولا تبرحُ الأقدامُ عندَ التضاربِ
وقال البحتري في أبي سعيد
لقد كان ذاك الجأشُ جأشَ مسالمٍ ... على أن ذاك الزيَّ زيُّ محاربِ
تسرع حتى قال من شهدَ الوغى ... لقاءُ أعادٍ أم لقاءُ حبائب
وقال ابن المعتز
كم غمرةٍ للموتِ يخشى خوضها ... جريتُ فيها جرى سلكٍ في ثقبْ
حتى إذا قيل أتاه أجلٌ ... نجمتُ منها بحسامٍ مختضبْ
وقال أبو نواس
وكنا إذا ما الحائنُ الجدُّ غرهُ ... سنى برقِ غادٍ أو ضجيجَ رعادِ
تردى له الفضلُ بن يحيى بن خالدٍ ... بماضي الظبَى أزهاهُ طولُ نجادِ
أمام خميسٍ أرجوانٍ كأنهُ ... قميصٌ محوك من قنى وجيادِ
وقل البحتري في كثافة الجيش
للهِ دركَ يومَ بابكَ باسلاً ... بطلاً لأبوابِ الحتوف قروعا
لما أتاك يقودُ جيشاً أرعناً ... يمشي إليه كثافةً وجموعا
وزعتهمْ بينَ الأسنةِ والظبَى ... حتى أبدتَ جموعهمْ توزيعا
في معركٍ ضنكٍ تخالُ به القنى ... بينَ الضلوعِ إذا انحنينَ ضلوعا
وقال ابن الرومي يصف كتيبةً
فلوْ حصبتهمْ بالفضاءِ سحابةٌ ... يظلُّ عليهم حصبُها يتدحرجُ
وقال قيس بن الخطيم نحو ذلك وهو أصله
لو أنكَ تلقى حنظلاً فوق بيضنا ... تدحرج عن ذي سامهِ المتقارب
السام ههنا خطوط الذهب الذي في البيض والسام في غير هذا الموضع الموت، وقال مسلم بن الوليد
في عسكرٍ تشرق الأرض الفضاء به ... كالليلِ أنجمه القضبانُ والأسل