أو من مشعشعةٍ كالمسكِ نشرتُها ... أو من أنابيب رمانٍ وتفاحِ
ومثله قول زهير
كأنّ ريقتها بعدَ الكرى اغتبقتْ ... من طيبِ الراحِ لما يعدُ أن عتقا
ومثل ذلك كثير جداً وقال ابن الرومي
ألا ربما سوتُ الغيور وساءني ... وبات كلانا من أخيهِ على وحرِ
وقبلتُ أفواهاً عذاباً كأنها ... ينابيعُ خمرٍ حصبتْ لؤلؤَ البحرِ
وقال أيضاً
تعلكَ ريقاً يطردُ النومَ بردهُ ... ويشفي القلوبَ الحائماتِ الصواديا
وهل ثغبْ حصباؤهُ مثلُ ثغرها ... يصادفُ إلا طيبَ الطعمِ صافيا
وقال أيضاً
يا ربَّ ريقٍ باتَ بدرُ الدجى ... يمجهُ بين ثناياكا
يروِي ولا ينهاكَ عن شربهِ ... والماءُ يرويكَ وينهاكا
وقال ابن المعتز
بأبي حبيبٌ كنتُ أعهدهُ ... لي واصلاً فازورَّ جانبهُ
عبقُ الكلامِ بمسكةٍ نفحتْ ... من فيهِ ترضي من يعاتبه
[تشبيه الثغر]
وجمع البحتري كل ما شبهَ به الثغر في بيت فقال
كأنما يضحك عن لؤلؤٍ ... أو فضةٍ أو بردٍ أو أقاح
وقال السمهري في حسن الثغر
وبيضاءَ مكسالٍ لعوبٍ خريدةٍ ... لذيذٌ لدى الليلِ التمامِ شمامها
كأن وميض البرقِ بيني وبينها ... إذا حانَ من بعضِ البيوتِ ابتسامها
وقال النابغة
تجلو بقادمتيْ حمامةِ أيكةٍ ... برداً أسفَّ لثاتهُ بالإثمدِ
كالأقحوانِ غداةَ غبِ سمائهِ ... جفتْ أعاليهِ وأسفلهُ ندِ
ويستحبُّ من لون اللثة أن تضرب إلى السواد وقال جرير
تجري السواكَ على أغر كأنه ... بردٌ تحدرُ من متون غمامِ
وقال جرير
وأشنبَ صافٍ تعلمُ النفسُ أنهُ ... وإنْ لم يذق حمشُ اللثاتِ عذابُ
الشنب رقة الأسنانِ والحمش الضامر وكذا ينعت من اللثة ضمورها وقال آخر مثله
كأنّ على أنيابها الخمر شابهُ ... بماء الندى من آخرِ الليل غابقُ
وما ذقتهُ إلا بعيني تفرساً ... كما شيمَ في أعلى السحابةِ بارقُ
ومثله قول عمارة
كأنَّ على أنيابها مبعث الكرى ... وقيعةَ برديٍّ تهللُ في ثغبِ
تأملُ عينٌ لا تقيلُ إذا رأتْ ... وقلب وما أنباكَ أشعرُ من قلبِ
وقال شقيق بن سليك
وتبسمُ عن ألمَي اللثاتِ مفلجٍ ... خليقِ الثنايا بالعذوبةِ والبردِ
وقال بشار
يا طيبَ الناسِ ريقاً غيرَ مختبرٍ ... إلا شهادةَ أطرافِ المساويكِ
تمامه ما يأتي
قد زرتنا مرةً في الدهرِ واحدةً ... ثنى ولا تجعليها بيضةَ الديكِ
وقال ابن الرومي
وما ذقتهُ إلا بشيمِ ابتسامها ... وكم منظرٍ ينبيك عن طيبِ مخبرِ
وقال الطائي في مثل هذا الظن
تعطيك منطقها فتعلمُ أنه ... بجنَى عذوبتهِ يمر بثغرها
وقال العطوي
ذاتُ خدينِ ناعمين ضنينينِ بما فيهما من التفاحِ
وثنايا وريقةٍ وغديرٍ ... من عقارٍ وروضةٍ من أقاحِ
وقال آخر
وتبسمُ عن سمطي لآلٍ فصولها ... شوائبُ ياقوتٍ يقاربُهُ خمرُ
[باب ١٩ في]
[حديث النساء]
ومن حسن التشبيه في حديث النساء قول ذي الرمة
حديثْ كطعمِ الشهدِ حلوٌ صدورهُ ... وأعجازهُ الخطبانُ دونَ المحارمِ
وقال الأخطلُ
وقد أحادثُ ليلى وهيَ لاهيةٌ ... تساقطَ الحليِ حاجاتي وأسراري
وقال أبو دهبلٍ الجمحي
وترى لها دلاً إذا نطقتْ ... تركتْ بناتِ فؤادِهِ صعرا
كتساقطِ الرطبِ الجني من ال ... أفنانِ لا نثرا ولا نترا
ونحوه قول ابن أحمد
تضع الحديث على مواضعهِ ... وحديثها من بعدُ ذو تزرِ
وقال الشماخ
بيضاءُ لا يجتوي الجيرانُ طلعتها ... ولا يسلُّ بفيها سيفهُ القيلُ
وقال ذو الرمة
ونلنا سقاطاً من حديثٍ كأنه ... جنى النحلِ ممزوجاً بماء الوقائعِ
وأنشدنا ثعلبٌ لأبي العميثل
لقيتُ ابنةَ السهمي زينبَ عن عفرِ ... ونحنُ حرامٌ مسيَ عاشرةِ العشرِ
فكلمتها ثنتينِ كالثلجِ منهما ... وأخرى على لوحٍ أحرُّ من الجمرِ
إحداهما الالتقاء والأخرى الوداع وقال آخر وهو الشماخ
وأعجلنا وشك الفراقِ وبيننا ... حديث كتنفيسِ المريضينِ مزعجُ