كأنَّ فجاجَ الأرضِ حلقةُ خاتمٍ ... عليَّ فما تزدادُ طولاً ولا عرضا
ومثل هذا قول الآخر
كأنَّ بلادَ اللهِ وهي عريضةٌ ... على الخائفِ المذعورِ كفةُ حابلِ
الكفة بالكسر من الميزان معروفة ويفتح ومن الصائد حبالته ويضم وقال الشماخ
وبات فؤادي مستخفاً كأنه ... خوافي عقابٍ بالجناحِ خفوقُ
وقال الفرزدق
وخافوكَ حتى القومُ تنزو قلوبهمْ ... كنزوِ القطا ضمتْ عليه الحبائلُ
وقال عروة بن حزامٍ
كأنَّ قطاةً علقتْ بجناحها ... على كبدي من شدةِ الخفقان
أناسيةٌ عفراءُ ذكرى بعدما ... تركتُ لها ذكراً بكلِ مكانِ
وقال ابن ميادة
ألا ما لقلبي لا يزال كأنهُ ... يدا لامعٍ أو طائرٌ يتصرفُ
وقال توبة بن الحمير
كأنَّ القلبَ ليلةَ قيل يغدي ... بليلي العامرية ويراحُ
قطاةٌ عزها شركٌ فباتتْ ... تجاذبهُ وقد علقَ الجناحُ
فلا في الليلِ نالتْ ما تمنت ... ولا في الصبحِ كان لها براحُ
وقال بشار
كأنَّ فؤادهُ كرةٌ تنزَّى ... حذارِ البينَ إنْ نفعَ الحذارُ
نبتْ عيني عن التغميضِ حتى ... كأنَّ جفونها عنها قصارُ
ومثله قول الآخر المتقارب
كأنَّ المحبَّ قصيرُ الجفونِ ... لطولِ السهادِ ولم تقصرِ
وقال ديك الجن
كأنَّ على قلبي قطاةً تذكرتْ ... على ظمإٍ ورداً فهزتْ جناحها
ولي كبدٌ حرَّى ونفسٌ كأنها ... بكفِّ عدوٍ ما يريدُ سراحها
وقال آخر
كأنَّ فؤادي عظمُ ساقٍ مهيضةٍ ... عنيفٌ مداريها بطيءٌ جبورها
إذا حزموها بالجبائرِ أوهنتْ ... ونْ تركوها فهي بادٍ كسورها
وقال المجنون
كأن فؤادي كلما مر راكبٌ ... جناحُ عقابٍ رامَ نهضاً إلى وكرِ
تداويتُ من ليلَى بليلَى من الهوى ... كما يتداوى شاربُ الخمرِ بالخمرِ
وقال أبو صخرٍ الهذلي
وإني لتعروني لذكراكِ روعةٌ ... كما انتفضَ العصفورُ بللهُ القطرُ
وقال المجنون
وداعٍ دعا إذْ نحنُ بالخيفِ من منًى ... فهيجَ أحزانَ الفؤادِ وما يدرِي
دعا باسمِ ليلَى غيرها فكأنما ... أطار بليلَى طائراً كان في صدري
[باب ٤١ في]
[فناء الناس]
ومن حسن التشبيه في فناء الناس قول عدي بن زيد
أينَ كسرى كسرى الملوكِ أبو سا ... سانَ أم أينَ قبلهُ سابورُ
وبنو الأصفرِ الكرامُ ملوكُ ال ... روم لم يبقَ منهم مذكور
وأخو الحضرِ إذْ بناهُ وإذْ دج ... لةُ تجبى إليه والخابورُ
شادهُ مرمراً وجللهُ كل ... ساً فللطيرِ في ذراهُ وكورُ
لم يهبهُ ريبُ المنونِ فبانَ ال ... ملك عنه فبابهُ مهجور
وتبينْ ربَّ الخورنقِ إذْ أش ... رفَ يوماً وللهدى تفكيرُ
سرهُ حالهُ وكثرةُ ما يم ... لك والبحرُ معرضاً والسديرُ
فارعوَى قلبُهُ وقال فما غب ... طةُ حيٍّ إلى المماتِ يصيرُ
ثمَّ أضحوا كأنهم ورقٌ ج ... فَّ فألوتْ به الصبا والدبورُ
ثم بعدَ الفلاحِ والملكِ والإ ... مةِ وارتهمُ هناك القبورُ
وقال نافع بن لقيط الفقعسي
فلئنْ بليتُ لقدْ عمرتُ كأنني ... غصنٌ تثنيهِ الرياحُ رطيبُ
وكذاكَ حقاً من يعمرْ يبلهِ ... كرُّ الزمانِ عليه والتقليبُ
وقال النابغة الجعدي المتقارب
وما البغيُ إلا على أهلهِ ... وما الناسُ إلا كهذي الشجرْ
ترى الغصنَ في عنفوانِ الشبا ... بِ يهتزُّ من بهجاتٍ خضرْ
زماناً من الدهرِ ثمَّ التوى ... فعادَ إلى صفرةٍ فانكسرْ
وقال الآخر
والناسُ يبلونَ كما تبلى الشجرْ
وقال آخر
كنا كغصْنينِ في جرثومةٍ بسقا ... حيناً بأحسنِ ما تنمِي له الشجرُ
حتى إذا قيلَ قد طالتْ فروعهما ... وطابَ قنواهما واستطعم الثمرُ
أحنى على واحدٍ ريبُ الزمانِ وما ... يبقى الزمانُ على شيءٍ ولا يذرُ
كنَّا كأنجمِ ليلٍ وسطها قمرٌ ... يجلو الدجى فهوى من بينها القمرُ
ومثله للطائي
كأنَّ بني نبهانَ يومَ وفاتهِ ... نجوم سماءٍ خرَّ من بينها البدرُ
وقال ابن مناذرٍ