مخنث إلى موسى بن عيسى وكان المنصور عقد له بعده ثم عقد للمهدي وجعل موسى بعده فقال هذا الذي كان غداً صار بعد غد. وقال آخر الذي يذهب إلى العالم بغير ألواح كالساعي إلى الهيجاء بغير سلاح. وقال صاحب كليلة المذنب لا يحب أن يفحص عن أمره لقبح ما ينكشف منه كالشيء المنتن كلما أثير زاد نتناً. وقال علي عليه السلام الدنيا كالحية لين مسها والسم الناقع في أنيابها ورأى مزبدٌ رجلاً كبير الأنف وفيه شعر فقال كأن أنفه كنف مملوء من شسوع. ويقال المرأة كالنعل يلبسها الرجل إذا شاء لا إذا شاءت هي، قال أنوشروان الصبر صبرٌ كاسمه وعاقبته عسل. وقال أبو تمام الطائي
وصاحبت أيامي بصبرٍ حلونَ لي ... عواقبهُ والصبرُ مثل اسمهِ صبرُ
قال بعضهم الداعي بغير عملٍ كالرامي بغير وتر. ووصف رجل نعمة قوم فقال لصقت بهم النعمة حتى كأنها من ثيابهم. وقال ابن مسعود ذاكر الله في الغافلين كالمقاتل خلف الفارين. ونظر مخنث إلى رجل قصير على حمار أسود صغير فقال ركب زق دبساً وجاء يساير الناس ومثله المنسرح
كأن رجليهِ والعقالُ بها ... قضى عليه الوقوعَ في الوهقِ
أشبهُ شيءٍ رأيتُ راكبهُ ... صيادَ شصٍ غدا على زقِ
وقال صاحب كليلة من صنع المعروف لعاجل الجزاء كان كملقي الحب ليصيد به الطير لا لينفعه نظر ابن الرومي إلى غيم أبيض متقطع في السماء. فقال كأنه قطن يندف على بطانة زرقاء. نظر مزبد إلى رجل مدني أسود ينيك غلاماً رومياً أبيض فقال كأن أيره في إسته كراع عنز في صحفة أرز. وقال ابن الرومي وقد قيل له شبه كلية الجدي فقال كأنها لوبياءٌ، وقال الحمصة تشبه الخوخة وشبه عبادة الياسمين بمحة خرمية وأمواج دجلة في الجنوب بأسنمة الجمال. وقال صاحب كليلة إذا عز الكريم لم يستقل إلا بالكرام كالفيل إذا وحل لم تقلعه إلا الفيلة. قال أبو العيناء كنت آتياً محمد بن هارون وعنده حشد من إخوانه فأجده أخفضهم صوتاً قلت له أكلك طفل بك في منزلك قدم ابن مكرم إلى البصير جنب شواءٍ لم ينضج فقال أبو علي ليس هذا جنباً هذا شريجة قصب ذكر أبو العيناء ولد موسى بن عيسى فقال كان ألفهم قبورٌ نصبتْ على غير القبلة نظر عبادة إلى جارية سوداء عليها وقاية معصفرة فقال كأنها فحمة اشتعل رأسها.
[باب ٩١ في]
[تشبيهات مختلطة وأبيات منفردة]
من تشبيهات مختلطة وأبيات منفردة قول مسلم يرثي يزيد بن مزيد
قبر بحران استسر ضريحه ... خطراً تقاصر دونه الأخطار
فاذهبْ كما ذهبتْ غوادِي مزنةٍ ... أثنى عليها السهل والأوعار
ونحوه قول البحتري يرثي أبا سعيد
واذهبْ كما ذهبتْ بساطعِ نورها ... شمس النهارِ وأعقب الإظلامُ
وقال الحسن بن مطير يرثي معناً
فتى عيش في معروفهِ بعد موتهِ ... كما عادَ بعدَ السيلِ مجراهُ مرتعا
وقال البحتري يمدح ابن طولون المنسرح
إذا علا في بهاء منظرهِ ... أرى عليه في الحسنِ مختبره
كالغيثِ ما عينهُ ببالغةٍ ... بعض الذي راح بالغاً أثره
وقال آخر يرثي رجلاً
فمات وأبقى من تراثِ عطائهِ ... كما أبقتِ الأنواء للحيوانِ
وقال آخر في طفيلي
ويعربي خالع العذار ... أطفل من ليل على نهارِ
أثبت في الدارِ من الجدارِ ... يشرب بالصغارِ والكبارِ
كأنه في الدارِ ربُّ الدارِ
وقال عباس بن المشوق
يا وارثَ التطفيلِ عن والدٍ ... أحكم بالحذقِ وبالرفقِ
لو تجعل الإبرة رداً له ... لمرَّ كالبرقِ من الخرقِ
تأكل أرزاق بني آدمٍ ... لأنت مخلوقٌ بلا رزقِ