وقال ابن المعذل المديد
أشتهي في المقلة القبلا ... لا كثيراً يشبهُ الحولا
واحمرارَ الخدِ من خجلٍ ... إنني أستحسنُ الخجلا
[باب ١٥ في]
[الوجه وضيائه]
ومن التشبيهات القديمة في الوجه وضيائه قول طرفة
ووجهٌ كأنَّ الشمسَ حلتْ رداءها ... عليه نقيًّ اللونِ لم يتخددِ
حلت بسطتْ وأحلهُ من الحل ضدَّ العقد وقال ابن الرومي
كأنما غنتْ لشمسِ الضحى ... فألبستها حسنها خلعهْ
وقال زهير في هرم
لو كنتَ من شيءٍ سوى بشرٍ ... كنتَ المنورَ ليلةَ البدرِ
وقال قيس بن الخطيم
كان المنى بلقائها فلقيتها ... فلهوتُ من لهوِ امرئٍ مكذوبِ
فرأيتُ مثل الشمسِ عندَ طلوعها ... في الحسنِ أو كدنوها لغروبِ
أي في وقتين يمكن النظر إلى الشمس فيهما وقال النمر بن تولب
فصدت كأنَّ الشمس تحتَ قناعها ... بدا حاجبٌ منها وضنتْ بحاجبِ
أراد أنها أعرضت بوجهها للغضب وقال أبو نواس نحوه
يا قمراً للنصفِ من شهرهِ ... أبدى ضياءً لثمانٍ بقين
وقال بشار في امرأةٍ أعرضتْ
ضنت بخدٍ وجلتْ عن خدِ ... ثمَّ انثنتْ كالنفسِ المرتدِ
ومن أحسن ما قيل في حمد الإعراض قول ابن الرومي
ما ساءني إعراضهُ ... عني ولكنْ سرني
سالفتاهُ عوضٌ ... من كلِّ شيءٍ حسنِ
ما قلتُ إنْ قدْ عقني ... بالصدِّ إلا برني
بدلني من حسنٍ ... حسناً فماذا ضرني
وقال أبو نواس
تتيهُ الشمسُ والقمرُ المنيرُ ... إذا قلنا كأنهما الأميرُ
فإنْ يك أشبها منه قليلاً ... فقد أخطاهما شبهٌ كثيرُ
لأن الشمسَ تغربُ حين تمسي ... وأنَّ البدرَ ينقصهُ المسيرُ
ونورُ محمدٍ أبداً تمامٌ ... على وضحِ الطريقةِ لا يحورُ
وقال علي بن الجهم
يا بدرُ كيفَ صنعتَ بالبدرِ ... أفضحتهُ من حيث لا يدري
الدهرُ أنتَ بأسرهِ قمرهْ ... ولذاكَ ليلتهُ من الشهرِ
وقال آخر
إذا أعتُبها شبهتها البدرَ طالعاً ... وحسبك من عيبٍ لها شبهُ البدرِ
وقال علي بن الجهم وذكر نساء
وقلنَ لنا نحنُ الأهلةُ إنما ... نضيءُ لمن يسري بليلٍ ولا نقري
لا بذلَ إلا ما تزودَ ناظرٌ ... ولا وصلَ إلا بالخيالِ الذي يسري
وقال أبو عثمان الناجم نحو ذلك
طالبتُ من شردَ نومي وذعرْ ... وكحلَ العينَ بملمولِ السهر
بقبلةٍ تحسنُ في القلب الأثر ... فقال لي مستعجلاً وما انتظرْ
ليس لغيرِ العينِ حظٌّ في القمر
وقال ابن المسيب الكاتب
ومعذراً أبصرتهُ ... يهتزُّ كالغصنِ الرطيبِ
ضاهى بنبتِ الشعرِ ما ... في البدرِ منْ تلكَ الندوبِ
للهِ ما أهدتهُ أع ... ينُ ناظريهِ إلى القلوبِ
منْ ذي دلالٍ ناعمٍ ... ما شئتَ من حسنٍ وطيبِ
نهبتهُ أبصارُ الرجا ... لِ فلم يكنْ نزراً نصيبِ
لكنْ دفعتُ إلى التل ... ذذ حين أسرعَ للمغيبِ
وكأنه بدر الدج ... نةِ حين أصغى للغروبِ
شبهتهُ بالبدرِ في ال ... حالينِ تشبيهَ المصيبِ
أعجبْ بذلك لو أطا ... عَ الغمز باللحظ المريبِ
فظفرت بالقمر الني ... رِ على قضيبٍ في كثيبِ
وعلوتُ منبرةً بره ... زٍ مثل ترجيع الخطيبِ
وأضفتُ ذاك إلى نخيرٍ مثل تشقيقِ الجيوبِ
قد كان ذلك ممكناً ... لكن دفعتُ إلى الكروبِ
ومما يدخل في هذه الجملة من صفات النساء قول امرئ القيس
يضيءُ الفراشَ وجهها لضجيعها ... كمصباحِ زيتٍ في قناديلِ ذبالِ
كأنّ على لباتها جمرَ مصطلٍ ... أصابَ غضى جزلاً وكفَّ بأجذالِ
ضوء الزيت أنورُ من غيره وأقل دخاناً وعلى ذلك قول النابغة الجعدي في امرأة المتقارب
أضاءتْ لنا النارُ وجهاً أغ ... رَّ ملتبساً بالفؤادِ التباسا
تضيءُ كمثلِ سراجِ السلي ... طِ لم يجعلِ الله فيه نحاسا
وقال عبد بني الحسحاس
كأنَّ الثريا علقتْ فوق َ نحرها ... وجمرَ غضًى هبتْ له الريحُ ذاكيا
إذا اندفعتْ في ريطةٍ وخميصةٍ ... ولاثتْ بأعلى الرأس برداً يمانيا