ذاتِ وشيٍ تكلفتهُ سوراٍ ... لبقاتٌ تحوكهُ وغوادِ
شكرتْ نعمةَ الوليِّ على الوس ... ميِّ ثمَّ العهدَ بعدَ العهدِ
هي تثنِي على السماءِ ثناءً ... طيبَ النشرِ شائعاً في البلادِ
من نسيمٍ كأنَّ مسراهُ في الأر ... واحِ مسرى الأرواحِ في الأجسادِ
منظرٌ معجبٌ تحيةُ إلفٍ ... ريحها ريحُ طيبِ الأولادِ
تتداعى بها حمائمُ مشتى ... كالبواكي وكالقيانِ الشوادِ
وقال آخر
إلى الروضِ الذي قد أضحكتهُ ... شآبيبُ السحائبِ بالبكاءِ
كأنَّ شقائقَ النعمانِ فيه ... ثيابٌ قد روينَ من الدماءِ
وقال الأخيطل
هذي الشقائق قد أبصرتُ حمرتها ... مستشرفاتٌ على عيدانها الذللِ
كأنها دمعةٌ قد مسحتْ كحلاً ... فاضتْ بها غبرةٌ في وجنتي خجلِ
وقال ابن المعتز
فطافَ بها ساقٍ أريبٌ بمبزلٍ ... كخنجرِ عيارٍ صناعتهُ الفتك
وحملَ آذريونةً فوقَ أذنهِ ... ككأسِ عقيقٍ في قرارتها مسكُ
وقال آخر في البنفسج
وكأنّ البنفسجَ الغضَّ يحكي ... أثر اللطمِ في خدودِ الغيدِ
وقال العلوي الكوفي
دمنٌ كأنَّ رياضها ... يكسينَ أعلامَ المطارفْ
وكأنما غدرانها ... فيها عشورٌ في مصاحفْ
وكأنما أنوارها ... تهتزَّ بالريحِ العواصفْ
طررُ الوصائفِ يلتقينَ بها إلى طررِ الوصائفْ
باتتْ سواريها تم ... خضُ في رواعدها القواصفْ
وكأنَّ لمعَ بروقها ... في الجوِ أسيافُ المثاقفْ
ثم انبرتْ سحاً كبا ... كيةٍ بأربعةٍ ذوارفْ
وقال البحتري
أتاكَ الربيعُ الطلقُ يختالُ ضاحكاً ... من الحسنِ حتى كاد أن يتكلما
وقد نبهَ النوروزُ في غلسِ الدجى ... أوائلَ وردٍ كنَّ بالأمسِ نوما
يفتحهُ بردُ الندى فكأنما ... يبثُّ حديثاً كان قبلُ مكتما
ومن شجرٍ ردَّ الربيعُ لباسهُ ... عليه كما نشرتَ وشياً منمنما
أحلَّ فأبدَى للعيونِ بشاشةً ... وكان قذًى للعينِ إذ كان محرما
وقال ابن الرومي
أصبحتِ الدنيا تروقُ من نظرْ ... بمنظرٍ فيه جلاءٌ للبصرْ
واهاً لها مصطنعاً لقد شكرْ ... أثنتْ على اللهِ بالآلاءِ المطرْ
فالأرضُ في روضٍ كأفوافِ الحبرْ ... تبرجتْ بعدَ حياءٍ وخفرْ
تبرجَ الأنثى تصدتْ للذكرْ
وقال ابن المعتز في روضةٍ
جلا لنا وجهُ الثرى عن منظرِ ... كالعصبِ أو كالوشيِ أو كالجوهرِ
من أبيضٍ وأصفرٍ وأحمرِ ... وطارِفٍ أجفانهُ لم تنظرِ
تخالهُ العينُ فماً لم يفغرِ ... وفاتقٍ كادَ ولم ينورِ
كأنه مبتسمٌ لم يكشرِ ... وأدمعُ الغدرانِ لم تكدرِ
كأنها دراهمٌ في منشرِ ... أو كعشورِ المصحفِ المنشرِ
فيه الندى مستوقفاً لم يقطرِ ... كدمعةٍ حائرةٍ في محجرِ
وقال عبد الصمد بن المعذلِ وينسب بعضهم هذه الأبيات إلى خالد الكاتب
رأتْ منه عيني منظرينِ كما رأتْ ... من الشمسِ والبدرِ المنيرِ على الأرضِ
عشيةَ حياني بوردٍ كأنه ... خدودٌ أضيفتْ بعضهنَّ إلى بعضِ
ونازعني كأساً كأنَّ رضابها ... دموعِيَ لما صدَّ عن مقلتِي غمضي
وولَّى وفعلُ السكرِ في حركاتهِ ... من الراحِ فعلُ الريحِ بالغصنِ الغض
وقال علي بن الجهم
ما أخطأ الوردُ منك شيئاً ... طيباً وحسناً ولا ملالا
أقام حتى إذا أنسنا ... بقربهِ أسرعَ انتقالا
[باب ٣٧ في]
[المياه والجداول]
ومن حسن التشبيه في المياه والجداول والغدران قول ابن الرومي
ألذ من معتقِ الرساطونْ ... وقهوتي قطربلٍ وكرينْ
جرجرةٌ من ماءِ ليلِ تشرينْ ... كرونقِ السيفِ اليماني المسنونْ
وقال ذو الرمة في نحوه
فما انشقَّ ضوءُ الصبحِ حتى تبينتْ ... جداول أمثالَ السيوفِ القواطعِ
وقال آخر في ماءٍ شديدِ الجري
كأنما يفقدهُ من يشهده ... فهو شفاء الصاد مما يعمده
وقال ابن المعتز
لا مثلُّ منزلةِ الدويرةِ منزلٌ ... يا دارُ جادكِ وابلٌ وسقاكِ