كأنه حين أطويه وأنشرهُ ... سيرٌ يلفُّ على دوامةِ الزيقِ
وإنْ يقمْ قلتَ قثاةٌ معقفةٌ ... أو عروةٌ ركبتْ في رأسِ إبريق
[باب ٤٥ مما يتصل بذلك من جهة النساء]
ومما يتصل بذلك من التشبيهات في الركب ما أنشدناه أبو العباس المبرد
قلتُ لذاتِ الكعثبِ المصكِ ... ولم أكنْ من أمرها في شكِ
إذْ لبستْ برداً دقيقَ السلكِ ... وعقدَ درٍ ونظامٍ سكِ
غطِّي الذي أفتنَ قلبي منكِ ... قالت ومما ذاك فقلت حركِ
فكشفتْ عن أبيضٍ حبكِّ ... كأنهُ قعبُ نضارٍ مكٍّي
أو جبنةٌ من جبنِ بعلبك ... تسمعُ فيه الدلكَ بعد الدلكِ
مثلَ صريرِ القتبِ المنفكِ ... أو حكِّ صفارٍ شديدِ الحكِ
وقال الناجم في ذكرِ جاريةٍ
إنّ ردفَ الفتاةِ عجنةُ خبا ... زٍ وقدامها من الأدمِ جبنهُ
وقالت عمرة بنت الحمارس
يا منْ يدلُّ عزباً على عزبْ ... على ابنةِ الحمارِسِ الشيخِ الأزبّ
محطوطةِ المتنينِ خثماءِ الركبْ ... كأنَّ لحمَ كينهِ إذا انقلبْ
رمانةٌ فتتْ لمحمومٍ وصبْ
وانشد الجاحظ للفرزدق
فبتنَ بجانبيَّ مصرعاتٍ ... وبتُّ أفضُّ أغلاقَ الختامِ
كأنَّ مفالقَ الرمانِ فيها ... وجمرَ غضًى قعدنَ عليه حامِ
وقال آخر
يا ربَّ خودٍ من بناتِ الكركِ ... تمشي بجهمٍ مثلِ وجهِ التركي
وقال سحيم
أبصرتُها تميلُ كالوسنانِ ... من الظباءِ الخردِ الحسانِ
تمشي بمثلِ القدحِ الجيشاني
وقال العماني
إنِّ لأرجو من عطاء ربي ... ومن ولي العهدِ بعدَ الغبِّ
روميةٌ أولجُ فيها ضبي ... لها حرٌ مستهدفٌ كالقعبِ
متسحصفٌ نعمَ قربُ الزبِّ
وقال آخر
فقربتْ رحباً خبيثَ المفلقِ ... متى ينكهُ نائكٌ يبقبقِ
بقبقةَ الجرِ بكفِ المستقي
وقال الفرزدق في سوداء
يا ربَّ خودٍ من بناتِ الزنجِ ... تمشي بتنورٍ شديد الوهجِ
أخثم مثل القدحِ الخلنجِ
وقال أعشى سليمْ ورأى امرأته تختضب وهي سوداء
تخضبُ كفاً بتكتْ من زندها ... فتخضبُ الحناء من مسودها
كأنها والكحلُ في مرودها ... تكحلُ عينيها ببعضِ جلدها
وقال جرير في أسودَ رأى عليه ثوباً جديداً
كأنه لما بدا للناسِ ... إيرُ حمارٍ لفَّ في قرطاس
[باب ٤٦ في]
[النساء السود]
ومما يتصل بذلك قول ابن الرومي في سوداء المنسرح
في لينِ سمورةٍ تخيرها ال ... فراءُ أو لين جيدِ الدلقِ
غصنٌ من الآبنوسِ ألفَ منْ ... مؤتزرٍ معجبٍ ومنتطقِ
أكسبها الحبُّ أنها صبغتْ ... صبغةَ حبِّ القلوبِ والحدقِ
فانصرفتْ نحوها الضمائرُ والْ ... أبصارُ يعنقنَ أيما عنقِ
يفترُّ ذاك السوادُ عن يققٍ ... من ثغرها كاللآلئ العتقِ
كأنها والمزاحُ يضحكها ... ليلٌ تفرَّى دجاهُ عن فلقِ
لها حرٌ تستعيرُ وقدتهُ ... من قلبِ صبٍّ وصدرِ ذي حنقِ
كأنما حرهُ لخابرهِ ... ما ألهبتْ في حشاهُ من حرقِ
يزدادُ ضيقاً على المراسِ كما ... تزدادُ ضيقاً أنشوطةُ الوهقِ
لهُ إذا ما القمدُّ خالطهُ ... أزمٌ كأخذِ الخناقِ بالعنقِ
أخلقْ بها أن تقومَ عن ذكرٍ ... كالسيفِ يفرِي مضاعفَ الحلقِ
إن جفونَ السيوفِ أكثرها ... أسودُ والجفنُ غيرُ مختلقِ
وقال آخر في السودان
مشبهاتِ الشبابِ والمسكِ تفدي ... هنَّ نفسي من الردَى والخطوبِ
كيفَ يهوَى الفتى الأريبُ وصالَ ال ... بيضِ والبيضُ مشبهاتُ المشيبِ
وقال أبو حفص الشطرنجي
أشبهكِ المسك وأشبهتهِ ... قائمةٌ في لونهِ قاعدهْ
لا شكَّ إذْ لونكما واحدٌ ... أنكما من طينةٍ واحدهْ
وقال آخر
أحبُّ النساءَ السودَ من أجلِ تكتمٍ ... ومن أجلها أحببتُ من كان أسودا
فجئنى بمثلِ المسكِ أطيبَ نفحةً ... وجئنى بمثلِ الليلِ أطيبَ مرقد
وقال آخر
وعائبٍ للأدمِ من جهلهِ ... مفضلٍ للبيضِ في محكِ
يا سفلةَ العشاقِ ما تستحي ... أنْ تجعلَ الكافور كالمسكِ
وقال أبو علي البصير