ومثله قوله في فرس
أضيعُ شيءٍ سوطهُ إذْ يركبهْ
وتشبيهه إياها بالأنابيب تشبيه قديم متعاورٌ ونحوهُ قول أبي دؤادٍ المتقارب
وقدْ أغتدي في بياضِ الصباحِ ... وأعجازِ ليلٍ مولي الذنبْ
بطرفٍ ينازعني مرسناً ... سلوفِ المقادةِ محضِ النسبْ
إذا قيدَ قحمَ منْ قادَهُ ... وولتْ علابيهُ واجلعبْ
كهزِّ الرديني بينَ الأكفِ ... جرى في الأنابيبِ ثمَّ اضطربْ
وقال الطائي يذكر فرساً
إنْ زارَ ميداناً سبى أهلهُ ... أو نادياً قام إليهِ الجلوس
ترى رزانَ القومِ قدْ اسمجتْ ... عيونهم من حسنهِ وهي شوسْ
كأنما لاحَ لهمْ بارقٌ ... في المحلِ أو زفتْ إليهمْ عروسْ
سامٍ إذا استعرضتهُ زانهُ ... أعلى رطيبٌ وقرارٌ يبيسْ
كأنما خامرهُ أولقٌ ... أو غازلتْ هامتهُ الخندريسْ
عوذهُ الحاسدُ ضناً بهِ ... ورفرفتْ خوفاً عليهِ النفوسْ
وقال البحتري وكان وصافاً للخيل
أما الجوادُ فقدْ بلونا يومهُ ... وكفى بيومٍ مخبراً عن عامهِ
جارَى الجيادَ فطارَ عنْ أوهامها ... سبقاً وكادَ يطيرُ عنْ أوهامهِ
جذلانُ تلطمهُ جوانبُ غرةٍ ... جاءتْ مجيء البدرِ عندَ تمامهِ
واسودَّ ثمَّ صفت لعينيْ ناظرٍ ... جنباتهُ فأضاء في إظلامهِ
مالت نواحي عرفهِ فكأنها ... عذباتُ أثلٍ مالَ تحتَ حمامهِ
ومقدمُ الأذنين تحسبُ أنهُ ... بهما يرى الشخصَ الذي لأمامهِ
وكأنَّ فارسهُ وراءَ قذالهِ ... ردفْ فلستَ تراهُ منْ قدامهِ
لانتْ معاطفهُ فخيلَ أنهُ ... للخيزرانِ مناسبٌ لعظامهِ
في شعلةٍ كالشيبِ مر بمفرقيْ ... غزلٍ لها عنْ شيبهِ بغرامهِ
وكأنَّ صلتهُ إذا استعلَى بها ... رعدٌ يقعقعُ في ازدحامِ غمامهِ
مثلَ الغرابِ مشى يبارِي صحبهُ ... بسوادِ صبغتهِ وحسنِ قوامهِ
والطرفُ أجلبُ زائرٍ لمؤونةٍ ... ما لمْ تزرهُ بسرجهِ ولجامهِ
وقال ابن المعتز
قدْ أغتدي والصبحُ كالمشيبِ ... بقارحٍ مسومٍ يعبوبِ
ذي أذنٍ كخوصةِ العسيبِ ... أو آسةٍ أوفتْ على قضيبِ
وأنشد العماني الراجز الرشيد في صفةِ الفرس
كأنَّ أذنيه إذا تشوفا ... قادمةً أو قلما محرفَا
فعلم من حضر أنه قد لحنَ ولم يهتدوا لإصلاحه فقال الرشيد قلْ:
تخالُ أذنيهِ إذا تشوفا
وقال عديُّ بنُ زيد في فرس المتقارب
له عنقٌ مثلُ جذعِ السحو ... قِ والأذنُ مصغيةٌ كالقلمْ
وذكر المبرد أن جريراً قال دخلت على الوليد بن عبد الملك ببن مروان وابن الرقاع ينشده داليته فلما بلغ إلى قوله
تزجِي أغنَّ كأنَّ إبرةَ روقهِ
قلتُ في نفسي وقع والله الشيخ من أين له كأن فلما قال
قلمٌ أصابَ من الدواةِ مدادها
حسدتهُ فخرجت ولم أنشد شيئاً وقال البحتري
وأغرَّ في الزمنِ البهيمِ محجلٍ ... قدْ رحتُ منهُ على أغرَّ محجلِ
كالهيكلِ المبنيّ إلا أنهُ ... في الحسنِ جاء كصورةٍ في هيكلِ
ذنبٌ كما سحبَ الرداءُ يذبُّ عنْ ... عرفٍ وعرفٌ كالقناعِ المسبلِ
جذلانَ ينفضُ عذرةً في غرةٍ ... يققٍ تسيلُ حجولها في جندلِ
كالرائحِ النشوانِ أكثرُ مشيهِ ... عرضاً على النسقِ البعيدِ الأطولِ
تتوهمُ الجوزاءَ في أرساغهِ ... والبدرُّ غرةُ وجههِ المتهللِ
صافِي الأديمِ كأنما عنيتْ بهِ ... لصفاءِ نقبتهِ مداوسُ صيقلِ
وكأنما نفضتْ عليهِ صبغتها ... صهباءُ للبردانِ أو قطربلِ
وتخالهُ كسيَ الخدودَ نواعماً ... مهما تواصلها بالحظٍ تخجلِ
وتراهُ يسطعُ في الغبارِ لهيبهُ ... لوناً وشداً كالحريقِ المشعلِ
هزجُ الصهيلِ كأنَّ في نغماتهِ ... نبراتُ معبدِّ في الأولِ
ملكَ العيونَ فإنْ بدا أعطينهُ ... نظرَ المحبِّ إلى الحبيبِ المقبلِ
وقال ابن الزيات في البرذون الذي أخذه من الواثق
وكأنَّ سرجك إذْ علاك غمامةٌ ... وكأنما تحتَ الغمامةِ كوكبُ
وغدوتَ طنانَ اللجامِ كأنما ... في كلِّ عضوٍ منكَ صنجٌ يضربُ
وقال ابن المعتز