للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي أنفسكم أفلا تبصرون

الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، وجعل وجوده من الأدلة على موجده ومصوره العليم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يخلق ما يشاء ويختار، ويصور خلقه في الأرحام كيف يشاء بأسباب قدرها، وحكم دبرها. أعطى الذكر الذكورية والأنثى الأنوثية والماء واحد، والجوهر واحد، والوعاء واحد، واللقاح واحد {الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عِمرَان: ٦] . وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أخبر عن المرسوم الإلهي الذي يلقيه إلى ملك التصوير، حين يقول: «يا رب أذَكَر، أم أُنثى، شقي، أم سعيد، فما الرزق، فما الأجل؟ فيوحي ربك ما يشاء، ويكتب الملك الكريم. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين» .

أما بعد: فقد قال الله تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذّاريَات: ٢١] .

عباد الله لما كان أقرب الأشياء إلى الإنسان نفسُه دعاه خالقه وبارئه ومصوره وفاطره من قطرة ماءٍ إلى التبصر والتفكر في نفسه فإذا تفكر في نفسه استنارت له آيات الربوبية، وسطعت له أنوار اليقين، واضمحلت عنه غمرات الشك والريب، وانقشعت عنه ظلمات

<<  <   >  >>