الحمد لله الذي ظهر لأوليائه بنعوت جلاله. البصير الذي يرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء حيث كانت من سهله وجباله، ويرى تقلب قلب عبده ويشاهد اختلاف أحواله.
أحمده سبحانه هو أرحم بعبده من الوالدة بولدها الرفيقة به في حمله ورضاعه وفصاله، إذا تاب إليه العبد فهو تعالى أفرح بتوبته من الفاقد لراحلته التي عليها طعامه وشرابه؛ في الأرض المهلكة إذا وجدها وقد تهيأ لموته وانقطاع أوصاله.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ولا راد لحكمه ولا معقب لأمره، وأِهد أن محمدًا عبده ورسوله بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده، وأقام الدين، وترك أمته على البيضاء الواضحة للسالكين. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن الله سبحانه لم يخلق خلقه (هَمَلاً) بل جعلهم موردًا للتكليف، ومَحَلاًّ للأمر والنهي، وألزمهم فهم ما أرشدهم إليه