الحمد لله الذي جعل القلوب أوعية فخيرها أوعاها للخير والرشاد، وشرها أوعاها للشر والفساد، وسلط عليها الهوى وامتحنها بمخالفته لتنال بمخالفته جنة المأوى. وحرم عليها أشياء لكن عوضها خيرًا مما حرم عليها.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل في كتابه الكريم:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}[النُّور: ٣٠] وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله القائل: «غضوا أبصاركم، واحفظوا فروجكم» صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.
أما بعد: فيا عباد الله جعل الله سبحانه العين مرآة القلب، فإذا غض العبد بصره غض القلب شهوته وإرادته، وإذا أطلق بصره أطلق القلب شهوته.
روى البخاري في صحيحه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أردف الفضل بن العباس رضي الله عنهما يوم النحر خلفه- وكان الفضل قد ناهز البلوغ، فطفق الفضل ينظر إلى امرأة وضيئة من خثعم كانت تسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أمور دينها، فأخذ النبي بذقن الفضل فحول وجهه عن النظر إليها.