الحمد لله كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، وأشكره سبحانه على جزيل عطائه وإنعامه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله القائم بحقوق ربه وحقوق خلقه، ومع ذلك قال:«لن يَدْخل أحدكم الجنة بأعماله، ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته وإفضاله» ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين كملت معرفتهم بربهم وبما يقرب من دار كرامته ورضوانه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فيا عباد الله: إن الشكر على النعم هو الغاية والهدف الذي من أجله خلق الله الخلق وأمرهم بما أمر؛ بل هو أجل المقامات وأعلاها، قال الله تبارك وتعالى:{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[النّحل: ٧٨] وأخبر سبحانه أنما يعبده من شكره، فمن لم يشكره لم يكن من أهل عبادته، فقال:{وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}[البَقَرَة: ١٧٢] وأثنى سبحانه على خليله إبراهيم بشكر نعمه، فقال: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ