الحمد لله الصبور الشكور، شملت قدرته كل مخلوق، وجرت مشيئته في خلقه بتصاريف الأمور.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جل عن الشبيه والنظير، وتعالى عن الشريك والظهير. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أعرف الخلق بربه، وأقومهم بخشيته، وأنصحهم لأمته، وأصبرهم لحكمه، وأشكرهم لنعمه. فصلى الله وملائكته وأنبياؤه عليه، كما وَحَّدَ الله وعَرَّف به ودعا إليه، وسلم تسليمًا كثيرًا. ورضي الله عن جميع أصحابه وأتباعه الحامدين لربهم على السراء والضراء، والشدة والرخاء.
أما بعد: فيا عباد الله: إن الله تبارك وتعالى جعل الصبر آخية المؤمن التي يجول ثم يرجع إليها، وساق إيمانه الذي لا اعتماد له إلا عليها؛ فلا إيمان لمن لا صبر له، وإن كان فإيمان قليل في غاية الضعف، وصاحبه ممن يعبد الله على حرف، فإن أصابه خير اطمأن به، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة، ولم يحظ منهما إلا بالصفقة الخاسرة.
«والصبر» يا عباد الله خلق فاضل من أخلاق النفس يمتنع
به من فعل ما لا يحسن ولا يجمل، وهو قوة من قوى النفس التي