الحمد لله ذي العز المجيد، المبدئ المعيد، المكرم لمن خافه واتقاه بدار لا يفنى نعيمها ولا يبيد، المنتقم ممن عصاه بالنار بعد الإنذار بها والوعيد {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[فُصّلَت: ٤٦] .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا كفو، ولا ضد، ولا نديد.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الساعي بالنصح للقريب والبعيد، المحذر للعصاة من نار تلظى بدوام الوقيد. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاة لا تزال على كر الجديدين في تجديد، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فإن الله سبحانه خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه، ويحبوه، ويخافوه خوف إجلال، ونصب لهم الأدلة على عظمته وكبريائه ليهابوه، ووصف لهم شدة عذابه ودار عقابه التي أعدها لمن عصاه ليتقوه بصالح الأعمال؛ ولهذا كرر سبحانه وتعالى في كتابه ذكر النار، وما أعده فيها لأعدائه من العذاب والنكال، وما احتوت عليه من الزقوم والضريع والحميم والسلاسل والأغلال، إلى غير ذلك مما فيها من العظائم والأهوال، ودعا عباده بذلك إلى خشيته وتقواه، والمسارعة إلى امتثال ما يأمر به به ويحبه ويرضاه، واجتناب ما ينهى عنه ويكرهه ويأباه.