الحمد لله الذي نصب الكائنات على ربوبيته ووحدانيته حججًا، وأوجب الفوز بالنجاة لمن شهد له بالوحدانية شهادة لم يبغ لها عوجًا، أسبغ على عباده نعمه الفرادى والتوائم، وسخر لهم البر والبحر والشمس والقمر والهواء والمطر والليل والنهار، والعيون والأنهار، والضياء والظلام، وأرسل إليهم رسله وأنزل عليهم كتبه يدعوهم إلى جواره في دار السلام.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا سمي له، ولا كفو له، ولا صاحبة له، ولا ولد له، ولا شبيه له، ولا يحصي أحد ثناءً عليه؛ بل هو كما أثنى على نفسه وفوق ما يثني عليه خلقه. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، وسفيره بينه وبين عباده. أرسله رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، ومحجة للسالكين، وحجة على العباد أجمعين. جاهد أعداء الله باليد والقلب واللسان، فدعا إلى الله على بصيرة، وسار في الأمة بالعدل والإحسان وخُلُقِهِ العظيم أحسن سيرة، إلى أن أشرقت برسالته الأرض بعد ظلامها، وتألفت به القلوب بعد شتاتها، وسارت دعوته سير الشمس في الأقطار،