للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي أعطى كل شيء خلقه، ثم هدى

الحمد لله الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، أعطى كل شيء من الخلق والتصوير ما يصلح به لما خلق له، ثم هداه لما خلق له وهو الحكيم الخبير. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له في كل مخلوق حكمة باهرة، وآية ظاهرة، وبرهان قاطع يدل على أنه رب كل شيء ومليكه، وأنه المنفرد بكل كمال دون خلقه، وأنه على كل شيء قدير، وبكل شيء عليم.

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: هدى أمته هداية البيان والإرشاد، وأما هداية التوفيق والإلهام فإلى الملك العلام.

أما بعد: فيا عباد الله ذكر الله تبارك وتعالى عن فرعون أنه قال: {فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: ٤٩، ٥٠] . أي أعطى لك شيء صورته التي لا يشتبه فيها بغيره، وأعطى كل عضو شكله وهيئته، وأعطى كل موجود خلقه المختص به، ثم هداه إلى ما خلق له من الأعمال.

هذه الهداية شاملة للحيوان كله ناطقه وبهيمه. طيره ودوابه، فصيحه وأعجمه، هداه لما يصلحه في معيشته ومطعمه ومشربه ومنكحه، وتقلبه وتصرفه بإرادته. وكذلك كل عضو له هداية تليق به- فهدى

<<  <   >  >>