للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسكينة والثبات حتى تصير خلقًا له بمنزلة الطبائع (١) . وصلوا على خير هاد وبشير؛ فقد أمركم الله بذلك في كتابه المبين، وبدأ بالصلاة عليه فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزَاب: ٥٦] .


(١) من عدة الصابرين.
وذكر فيها: أن في الأمراض نحو مائة فائدة. ثم قال: وأما انتفاع القلب والروح بالآلام والأمراض فلا يحس به إلا من فيه حياة، فصحة القلوب والأرواح موقوفة على آلام الأبدان ومشاقها، وأن اللذة والسرور والخير والنعم والعافية والصحة في هذه الدار المملوءة بالمحن والبلاء أكثر من أضدادها بأضعاف مضاعفة، فأين إيلام الحيوان من لذته؟ وأين سقمه من صحته؟ وأين جوعه وعطشه من شبعه وريه؟ وتعبه من راحته، قال الله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: ٥، ٦] ، فآلام الدنيا جميعها نسبتها إلى آلام الآخرة أقل من نسبة ذرة إلى جبال الدنيا بكثير، وكذلك لذات الدنيا. والله سبحانه لم يخلق الآلاء واللذات سدى ... كل واحدة منهما تثمر الآخرى- فلو كان الإنسان وغيره من الحيوان لا يجوع ولا يعطش ولا يتألم في عالم الكون والفساد لم يكن حيوانًا، ولكانت هذه الدار دار بقاء ولذة مطلقة كاملة، والله لم يجعلها كذلك، وإنما جعلها دارًا ممتزجًا ألمها بلذتها، وسرورها بأحزانها، ونعمها وصحتها بسقمها حكمة بالغة. (شفاء العليل ص٢٤٩، ٢٥٠) .

<<  <   >  >>