للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا تنثروه نثر الدقل، وقفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، لا يكن هم أحدكم آخر السورة» . وقال الحسن رحمه الله: أنزل القرآن ليعمل به فاتخذوا تلاوته عملاً. فالقرآن يدعو إلى أن يتفكر الإنسان في صفات نفسه ليتميز له المحبوب لربه منها من المكروه له، ويدعو إلى التفكر في صفات معبوده وأفعاله وأحكامه.

عباد الله كما أن الفكر هو أصل كل طاعة فكذلك هو أصل كل معصية- فالمعصية إنما تحدث من جانب الفكرة- فإن الشيطان يصادف أرض القلب خالية فارغة فيبذر فيها حب الأفكار الردية، فيتولد منه الإرادات والعزوم، فيتولد منها العمل. فإذا صادف أرض القلب مشغولة ببذر الأفكار النافعة فيما خلق له وفيما أمر به وفيما هييء له وأعدَّ له من النعيم المقيم أو العذاب الأليم لم يجد لبذره موضعًا. والكبر يا عباد الله من أسباب منع التفكر، قال الحسن رحمه الله في قول الله - عز وجل -: {سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الأعرَاف: ١٤٦] قال أمنعهم التفكر فيها.

فاتقوا الله عباد الله وعليكم بالتدبر لكتاب الله والعمل به لتنالوا محبة الله والقرب منه والفوز برضاه يوم لقاه. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: ٢٩] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، قيمًا لينذر بأسًا شديدًا من لدنه ويبشر المؤمنين الذي يعملون الصالحات أن لهم أجرًا حسنًا، ماكثين فيه أبدًا.

<<  <   >  >>