للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر ما كان. قال: «كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السموات والأرض، وكتب في الذكر كل شيء» . لما سألوه عن بداية هذا العالم المشاهد أخبرهم أنه تعالى كان قبل كل شيء (١) .

وفي الدعاء المشهور الذي رواه مسلم: «أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء» فأوليته سبحانه سابقة على أولية ما سواه، وآخريته بقاؤه بعد كل شيء، وظاهريته سبحانه فوقيته وعلوه على كل شيء، وبطونه سبحانه إحاطته بكل شيء بحيث يكون أقرب إليه من نفسه فما من أول إلا والله قبله، وما من آخر إلا والله بعده. و «الظاهر» علوه وعظمته. و «الباطن» قربه ودنوه.

وعن أبي رزين العقيلي قال: قلت: يا رسول الله! أين كان ربنا قبل أن يخلق السموات والأرض؟ قال: «كان في عماءٍِ ما فوقه هواء وما تحته هواء، ثم خلق عرشه على الماء، ثم استوى عليه» رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما. والعماء هو السحاب الكثيف المطبق كقوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [البقرة: ٢١٠] .


(١) وأما ما خلقه قبل ذلك شيئًا فشيئًا فهو بمنزلة ما سيخلقه بعد قيام الساعة ودخول أهل الجنة والنار منازلهما. وهذا مما لا سبيل للعباد إلى معرفته. وأخبرت الرسل بتقدم أسمائه وصفاته كما في قوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: ١٥٨] {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النِّساء: ١٣٤] ونحو ذلك قال ابن عباس: كان ولا يزال. ولم يقيد كونه بوقت دون وقت، ويمتنع أن يحدث له غيره صفة.

<<  <   >  >>