للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي من دخله كان من الآمنين، ومن انقطع دونه كان من الهالكين. أظهره على الدين كله حتى طبق مشارق الأرض ومغاربها، وتضاءلت له جميع الأديان، وجرت تحته الأمم منقادة بالخضوع والذل والإذعان، حتى بطلت دعوة الشيطان، وتلاشت عبادة الأوثان، واضمحلت عبادة النيران، وذل المثلثة عباد الصلبان، وتقطعت الأمة الغضبية في الأرض كتقطع السراب في القيعان.

عباد الله: إن الله تبارك وتعالى لما بعث محمدًا - صلى الله عليه وسلم - كان أهل الأرض صنفين: أهل كتاب، ومن لا كتاب لهم. وأهل الكتاب نوعان: مغضوب عليهم، وضالون.

فالأمة الغضبة هم «اليهود» ، يصفون الله بالنقائص والعيوب (١) ، وهم قتلة الأنبياء، وأكلة الربا والرشا، أخبث الأمم طويه، وأرداهم سجيه، وأبعدهم من الرحمة، وأقربهم من النقمة، لا يرون لمن خالفهم حرمة، ولا يرقبون في مؤمن إلاَّ ولا ذمة. وهم أهل الكذب، والبهت، والغدر، والمكر، والحيل، والسحر.

والنوع الثاني «المثلثة» أمة الضلال، وعباد الصليب، الذين سبوا الله مسبة ما سبه إياها أحد من البشر، ولم يقروا بأنه الواحد


(١) مع علمهم بأنها عيوب ونقائص، كما صرحت به اليهود. من قولهم: وأنه فقير، وأنه تعب لما خلق العالم، وأنه بكى على الطوفان حتى رمدت عيناه وعادته الملائكة، وأنه ندم على خلق آدم وذريته ندمًا عظيمًا حتى عض أنامله، ويقولون في صلاتهم: يا إلهنا انتبه من رقدتك كم تنام، ونحو ذلك.
و «الاتحادية» مصرحون بأنه موصوف بكل صفة مذمومة عقلاً وعرفًا وشرعًا. ومعلوم أن هذه النقائص هي التي دل العقل الصريح واتفاق المرسلين من أولهم إلى آخرهم على نفيها عن الله وتنزيهه عنها (الصواعق ٣/١٠١٠، ١٠١١) .

<<  <   >  >>