للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخطبة الثانية

الحمد لله ...

أما بعد: فقد قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأنعَام:٩٩] .

أمر سبحانه بالنظر إليه وقت خروجه وإثماره، ووقت نضجه وإدراكه؛ لأن في خروجه من بين الحطب والورق آية باهرة وقدرة بالغة، ثم من خروجه من حد العفوصة واليبوسة والمرارة والحموضة إلى ذلك اللون المشرق الناصع والطعم الحلو اللذيذ الشهي لآيات لقوم يؤمنون. قال بعض السلف: حق على الناس أن يخرجوا وقت إدراك الثمار وينعها فينظروا إليها ثم تلا: {انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ} [الأنعَام: ٩٩] .

وتأملوا حكمة الله تعالى في حبس الغيث عن عباده وابتلائهم بالقحط إذا منعوا الزكاة وحرموا المساكين كيف جوزوا على منع ما للمساكين قِبَلَهُم من القوت بمنع الله ماء القوت والرزق وحبسه عنهم. فقال لهم بلسان الحال: منعتم الحق فمنعتم الغيث، فهلا استنزلتموه ببذل ما لله قِبَلَكُم. وجاء في الحديث: «ما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء» (١) . إن أحسن الحديث ...


(١) مفتاح ج (١) ، ص (٢٠٢، ٢٢٣، ٢٢٤، ٢١٧، ٢٠٥، ٢٠٦، ٢٥٣) ومن الصواعق ص (١١١٠) .

<<  <   >  >>