سعيد بن المسيب والزهري والنخعي والشعبي وعطاء وطاووس والحسن البصري رحمة الله على جميعهم؟
وأيضاً: فإن هذه الطوائف كلها مقرة بأن عيسى ابن مريم عليه السلام سينزل ويحكم في أهل الأرض، فهل يحكم إذا نزل برأي أبي حنيفة، أو مالك أو الشافعي؟ معاذ الله، بل يحكم بما أوحى الله إلى أخيه محمد صلى الله عليه وسلم وهذا هو الذي ندعوا إليه، والذي لا يحل لأحد أن يحكم، ولا أن يفتي ولا يدين بسواه.
فإن قالوا: لا نقدر على الاجتهاد. قلنا: يأخذ كل أحد جهده في الطريق الموصلة إلى ذلك.
ثم قالك ذكر الآثام في ذم التقليد، فأخرج بأسانيده آثاراً استوفيتها في تيسير الاجتهاد. فمنها: ما أخرجه عن معاذ بن جبل، قال:"أما العالم فإن اهتدى فلا تقلدوه دينكم، وإن افتتن فلا تقطعوا منه رجاءكم" وأخرج عن ابن عباس قال: "ويل للأتباع من غمرات العالم. قيل: وكيف ذلك؟ قال: يقول العالم من قبل رأيه، ثم يبلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيأخذ به، ويمضي الأتباع بما سمعوا" وأخرج عن ابن مسعود قال: "لا تكونن إمعة، تقول: أنا مع الناس" وأخرج مجاهد قال: "ليس أحد من الناس إلى وأنت آخذ من قوله وتارك، إلا النبي صلى الله عليه وسلم" وأخرج عن أحمد بن حنبل أنه ذكر له قول مالك وترك ما سواه، فقال: لا يلتفت إلا إلى الحديث. قوم يفتنون هكذا، يتقلدون قول الرجل، ولا يبالون بالحديث. وأخرج عن سعيد بن أبي عروبة قال:"من لم يسمع الاختلاف فلا تعده عالماً" وأخرج عن قبيصة بن عقبة قال: "لا يفلح من لا يعرف الاختلاف" واخرج عن ابن القاسم قال: "سئل مالك لم تجوز الفتيا؟ قال: لا تجوز الفتيا إلا لمن علم ما اختلف الناس فيه. قيل له: اختلاف أهل الرأي؟ قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلم الناسخ والمنسوخ من القرآن، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك يفتي "قال ابن حزم: هذا قول مالك في أنه لا يجوز لأحد أن