للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهي الكلمة الطيبة لا إله إلا الله قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} والطاغوت كل باطل ليس من الدين وكل ما طغى من شيطان جني أو أنسي وكل عبادة ليست لله فهي باطلة، فالمشرك إنما يتخذ أحداً غير الله لما يحصل له في زعمه من النفع وهو لا يكون إلا فيمن كانت فيه خصلة من أربع: إما أن يكون مالكاً لما يريد متخذه، فإن لم يكن مالكاً كان معيناً، فإن لم يكن كان ظهيراً، فإن لم يكن كان شفيعاً، فنفى سبحانه وتعالى هذه المراتب الأربع نفياً مرتباً منتقلاً من الأعلى إلى الأدنى، فنفى الملك عن غيره والشركة والمظاهرة والشفاعة التي لأجلها وقعت المخالفة والعداوة والمخاصمة، وأثبت سبحانه شفاعة لا نصيب فيها لمشرك، وهي الشفاعة بإذنه لمن رضي عنه في قوله سبحانه وتعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} الآية وإنما ذكر ذلك تعالى لأنهم دعوا الملائكة دعاء عبادة لشفاعتهم لهم، قاله المفسرون فكفى بهذه الآية نوراً وبرهاناً ونجاة وتجريداً للتوحيد وقطعاً لأصول الشرك، وكافية لمن عقلها على أن القرآن مملوء بأمثالها ونظائرها، ولكن الغفلة والجهل هما المؤديان إلى فهم قصور العام على السبب، فالأمر كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية والشرك، ولم يميز بين ما عابه القرآن وذمه، وبين ما أنزل لأجله ودعا إليه، فَصَوَّب المستقبح وحَسنَّه، وهو لا يعرف حقيقة وصفه. وإنه الذي كان عليه الجاهلية أو نظيره أو أسوأ منه أو دونه فتنقض عرى الإسلام بذلك ويعود المنكر معروفاً، والمعروف منكراً، والسنة بدعة، والبدعة سنة، وهذا بعينه مشاهد، فإنه قد آل الأمر إلى الشك بالشرك والتدين به في اتخاذ الوسائل والوسائط من الأولياء والأنبياء بل والشياطين من الجن والإنس المعاندين والأشجار والنيران والقبور يدعونهم ويرجونهم ويتوكلون عليهم وينسكون النسك لهم راغبين إليهم راهبين منهم ويستدلون على جواز ما اعتقدوه وفعلوه بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} وإلى فعل الولايات لقبض النذور على الأموات لدفع ما حل من البلايا والمصيبات، ويجعل للقادمين إلى محل الميت الضيافات، وتنحر في باب قبته النحائر من الأنعام للتقرب إليه ورجاء ما لديه، فهذا بعينه هو الذي كان عليه

<<  <   >  >>