للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي أظهر الإسلام ظاناً أسامة أنه إنما قال الشهادتين والسلام خوفاً، وأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً} الآية فإنه لم يدع الإسلام قبل ذلك؛ ثم انه قد قاله وصدر منه بلا وجود مناف له لا في معناه ولا فيما هو حق له، ولهذا أمر الله تعالى عباده المؤمنين بالتثبت لذلك. وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم كتاباً فيه: "من محمد النبي إلى أهل عمان - وكان بعضهم يدعي الإسلام- سلام عليكم أما بعد فأقروا بشهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وأدوا الزكاة وخطوا المساجد وإلا غزوتكم" أخرجه البزار والطبراني وغيرهما فهذا يدل على أنه كان يغير على الداخلين في الإسلام إذا لم يمتثلوا أمر الله ولم يقوموا بشرائعه فإن أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وقوّموا الشرائع كف عنهم وإلا لم يمتنع عن قتالهم. وفي هذا وقع تناظر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما كما في الصحيحين عن إلى هريرة رضي الله عنه قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر رضي الله عنه كفر من كفر من العرب فقاتلهم على الإسلام وقاتل أناساً يدعون الإسلام قد امتنعوا من أداء الزكاة قال عمر لأبي بكر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله عصم ماله ودمه إلا بحقه وحسابه على الله عز وجل" فقال أبو بكر رضي الله عنه: لاقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال فوالله لو منعوني عقالاً كان يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعه، فقال له عمر رضي الله عنه: فوالله ما رأيت إلا أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق. فأبو بكر رضى الله عنه أخذ قتالهم بقوله صلى الله عليه وسلم: "إلا بحقه" فدل على أن قتال من أتى بالشهادتين ومنع حقهما جائز، ومن حقهما أداء حق المال الواجب، وعمر رضي الله عنه ظن أن مجرد الإتيان بالشهادتين يعصم الدم في الدنيا تمسكاً بعموم ألفاظ وردت وليست حال الأمر على ذلك، ثم ان عمر رضي الله عنه رجع إلى موافقة أبي بكر رضي الله عنهما. وقد خرج النسائي قصة توافق مناظرة أبي بكر وعمر بزيادة وهي أن أبا بكر قال لعمر رضي الله عنهما: إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ليأتوا بذلك كله". وخرجه ابن خزيمة في صحيحه وإنما قال أبو بكر لأقاتلن من فرق بين

<<  <   >  >>