الاقتتال وبغي بعضهم على بعض وقال تعالى في بيان الكفارة:{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} ولو أعتق مذنباً أجزأه عتقه بإجماع العلماء ولهذا يقول العلماء السلف في المقدمات الاعتقادية لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب ولا يخرجه من الإسلام بعمل، وقد ثبت الزنا والسرقة وشرب الخمر على أناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحكم فيهم حكم من كفر ولا قطع الموالاة بينهم وبين المسلمين بل جلد هذا وقطع هذا ورجم هذا وهو في ذلك يستغفر لهم ويقول:" لا تكونوا أعوان الشياطين على أخيكم" وأحكام الإسلام كلها مرتبة على هذا الأصل.
(الطرف الثاني) قول من يقول إيمانهم باق كما كان لم ينقص، بناء على ان الإيمان هو مجرد التصديق والاعتقاد الجازم وهو لم يتغير وإنما نقصت شرائع الإسلام، وهذا قول المرجئة والجهمية ومن سلك سبيلهم، وهو أيضاً قول مخالف للكتاب والسنة وإجماع السابقين والتابعين لهم بإحسان قال الله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} والآيات في ذلك والأحاديث كثيرة جداً كما تقدمت وقد تقدم أيضاً إجماع السلف على ان (الإيمان قول وعمل يزيد وينقص) ومدين ذلك أنه قول القلب وعمله، وثم قول اللسان وعمل الجوارح، فأما قول القلب فهو التصديق الجازم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر، ويدخل في ذلك الإيمان بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه في معنى الإيمان برسالته (ثم الناس) في هذا على أقسام:
منهم من صدق به جلة ولم يعرف التفصيل.
ومنهم من صدق به إجمالاً وتفصيلاً.
ثم منهم من يدوم استحضاره فيه بما قذف الله في قلبه من النور والآيات.
ومنهم من جزم به لدليل قد تعترضه منه شبهة أو لتقليد جازم، وهذا التصديق يتبعه عمل القلب وهو حب الله ورسله وتعظيم الله ورسله وتعزير الرسول وتوقيره وخشية الله والإنابة إليه والإخلاص له والتوكل عليه، إلى غير ذلك من الأحوال.
فهذه الأعمال القلبية كلها من الآيات، وهي مما يوجبها التصديق والاعتقاد إيجاب العلة للمعلول ويتبع الاعتقاد قول اللسان ويتبع عمل القلب عمل الجوارح من الصلاة والزكاة والصوم والحج ونحو ذلك، وعند هذا فالقول الوسط الذي هو قول