للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(السابع إثباته) معنى الألوهية أنها القدرة على اختراع الخلق والتدبير لا على الضر والنفع والعطاء والمنع، فمن قال لا اله إلا الله واعتقد أنه لا يقدر على اختراع الخلق والتدبير إلا الله فلا شريك له في ذلك، كان ذلك هو معنى قوله لا إله إلا الله، وان اعتقد الضر والنفع والشفاعة المنفية التي هي بغير إذنه والتقريب والتبعيد اللذين لا يكونان إلا بطاعته وإتباع رسله فيما جاؤا به من عنده في غيره من العبيد فلا يضره هذا الاعتقاد ولا تكون فتنة ولا في الدين فساد، حيث قال بلسانه لا اله إلا الله وصرف معنى الألوهية في معنى الربوبية، ولم يعلم أن مشركي العرب كانوا مقرين بهذا المعنى معترفين به فلم يقولوا أن العالم له خالقان أو مدبران بل الخالق والمدبر واحد {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} وقال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} فهذا التوحيد من الواجب على العبيد، ولكن لا يحصل به التوحيد لإله كل العبيد، ولا يخلص بمجرده عن الشرك الذي هو أكبر الكبائر ولا يغفره الله يوم تبلى السرائر. بل لا بد أن يخلص الدين كله لله فلا يتأله بقلبه غير الله ولا يعبد إلا إياه مخلصاً له الدين ولو كره الكافرون.

(الثامن) : زعمه أن المشركين الأولين كانوا يعتقدون النفع والضر والعطاء والمنع من غير رب العالمين، ويرد هذا صريح قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ} وقوله تعالى: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} وقوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} وقوله تعالى: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} وهذه الآية مع قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} فقطع مادة من ادعى أنهم كانوا يعتقدون النفع والضر في غيره سبحانه وتعالى، وفي المسند والترمذي من حديث حصين بن المنذر "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "يا حصين كم إلهاً تعبد قال سبعة ستة في الأرض وواحد في السماء، قال فمن الذي

<<  <   >  >>