ينصر امرأ مسلماً في موضع ينقص فيه من عرضه وتهتك فيه حرمته إلاَّ نصره الله في موضع يحب فيه نصرته " وروى مسلم من حديث أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلاَّ قال ملك ولك بمثل" وعنه أيضاً أن رسول صلى الله عليه وسلم كان يقول: "دعوة المرىء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به آمين ولك بمثل" رواه مسلم وفي حديث آخر: "أسرع الدعاء إجابة دعوة غائب لغائب" وقد أثنى الله على الذين يثنون على المؤمنين خيراً ويدعون لهم به قال سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} فالدعاء للغير ينتفع به الداعي والمدعو له وان كان الداعي دون المدعو له رتبة، فقد قال صلى الله عليه وسلم لعمر ابن الخطاب رضي الله عنه لما أراد أن يعتمر وودعه لا تنسنا يا أخي من دعائك، فالنبي صلى الله عليه وسلم قد طلب من أمته الدعاء، ولكن ليس ذلك من باب سؤالهم، بل هو كأمره لهم بسائر الطاعات التي يثابون عليها مع أنه عليه الصلاة والسلام له مثل أجورهم في كل ما يعملون لأنه صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً ومن دعا إلى ضلالة كل عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً وهو عليه الصلاة والسلام داعي الأمة إلى هدى فله مثل أجورهم، في كل ما اتبعوه فيه، وكذلك إذا صلوا عليه فان الله يصلي على أحدهم عشراً وله صلى الله عليه وسلم مثل أجورهم مع ما يستجيبه الله تعالى من دعائهم له فكذلك الدعاء قد أعطاهم الله أجرهم عليه وصار ما يحصل له به من النفع نعمة من الله عليه، ومن قال لآخر ادع لي وقصد انتفاعهما جميعاً بذلك كان هو وأخوه متعاونين على البر والتقوى، فالسائل نبه المسؤول وأشار عليه بما ينفعهما، والمسؤول قد فعل ما هو نفع لهما، فهما بمنزلة من يأمر غيره ببر وتقوى فيثاب المأمور على فعله، والآمر يثاب لكونه دعا إليه، لاسيما إذا فعل من الأدعية ما أمر الله به العبد كما قال:{َاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} فأمره بالاستغفار ثم قال: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً} فذكر الله استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم لهم في ذلك